حققت الإمارات العربية المتحدة تقدّماً في مؤشر المعرفة العالمي 2018 بواقع ست مراتب مقارنة بنتائج العام الماضي، لتحلّ في المركز 19 بدلاً من 25، الأمر الذي يجعلها متصدّرة جميع الدول العربية في هذا المجال. وفي حين، حلّت سويسرا في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر المعرفة، أظهرت النتائج التفصيلية حلول دولة الإمارات في المرتبة الثانية عالمياً في مؤشر قطاع الاقتصاد، والمرتبة الأولى في 6 مؤشرات تفصيلية هي معدلات البقاء حتى الصف الأخير من المرحلة الثانوية، ونسبة المعلمين المدربين في مرحلة التعليم الأساسي والثانوية، فضلا ًعن معدلات الطلبة الملتحقين ببرامج مهنية وتقنية ما بعد المرحلة الثانوية، ونسب انتقال الطلبة إلى الدولة، والتنافسية في قطاعي الإنترنت والهواتف، ونجاح الحكومة في نشر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وكشفت نتائج مؤشر المعرفة العالمي 2018، الذي أعدته مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة بالشراكة مع المكتب الإقليمي للدول العربية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تصدر سويسرا في مؤشر المعرفة، تليها فنلندا في المرتبة الثانية، والسويد في المرتبة الثالثة، والولايات المتحدة الأميركية في المرتبة الرابعة، والخامسة لوكسمبرغ، وهولندا في المرتبة السادسة، ثم سنغافورة السابع عالمياً، واحتلت المملكة المتحدة المرتبة الثامنة، والتاسعة اليابان، والعاشرة إيرلندا. وبالنسبة للدول العربية، أظهرت نتائج المؤشر الذي استهدف 134 دولة في نسخة 2018، احتلال مملكة البحرين المرتبة 44، وفيما جاءت الكويت في المرتبة 50، وعمان في المرتبة 62، والمملكة العربية السعودية المرتبة 66، ولبنان 74، والأردن 76، وتونس 82، والمغرب 94، ومصر 99، فيما حلّت الجزائر في المرتبة 104 عالمياً. التعليم الجامعي وبالنسبة لبقية مؤشرات القطاعات، أفرزت نتائج المؤشر حلول دولة الإمارات في المرتبة 13 في مؤشر التعليم قبل الجامعي، والمرتبة 14 في التعليم التقني والتدريب المهني، والمرتبة 20 في التعليم العالي، والمرتبة 36 في البحث والتطوير والابتكار، والمرتبة 16 في تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات، والمرتبة 41 في البيئات التمكينية. وبحسب النتائج، لفت التقرير حلول الدولة في المرتبة التاسعة في تطبيق سياسة التمكين، والعاشرة عالمياً في انخفاض نسبة البطالة، و19 عالمياً في فعالية الحكومة، وفي المرتبة 26 من حيث الاستقلال القضائي، و30 عالمياً في السياسات والمؤسسات. وجاءت في المرتبة 32 عالمياً في جودة الإطار التنظيمي، و35 في إدارات المؤسسات، وكان نصيبها المرتبة 37 عالمياً في الاستقرار السياسي العام وغياب العنف والإرهاب. وركز المؤشر على قياس 7 مؤشرات قطاعية، تضم التعليم قبل الجامعي، والتعليم التقني والتدريب المهني، والتعليم العالي، والبحث والتطوير والابتكار، وتكنولوجيا المعلومات والاتّصالات، والاقتصاد، والبيئات التمكينية. واستند المؤشر في مضمونه إلى 17 محوراً هي رأس المال المعرفي، والبيئة التمكينية التعليمية، والتكوين والتدريب المهني، وسمات سوق العمل، ومدخلات التعليم العالي، ومخرجات التعليم العالي وجودته، والبحث والتطوير، والابتكار في الإنتاج، والابتكار المجتمعي، ومدخلات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتنافسية المعرفية، والانفتاح الاقتصادي، والتمويل والقيمة المضافة، والسياسة والمؤسسات، والاقتصاد والمجتمع. مؤشر المعرفة العالمي أما سويسرا التي حلّت في المرتبة الأولى في مؤشر المعرفة العالمي، فإن ثلاثة من مؤشراتها القطاعية قد جاءت في المرتبة الثالثة عالمياً وهي البحث والتطوير والابتكار، والتعليم التقني والتدريب المهني، والبيئات التمكينية. وبالنسبة لبقية القطاعات، جاءت سويسرا في المرتبة السادسة في التعليم قبل الجامعي، والأولى في التعليم العالي، والخامسة في الاقتصاد، والرابعة في تكنولوجيا المعلومات. وفي جانب الاستقرار السياسي وغياب العنف والإرهاب ضمن البيئة التمكينية، فقد جاءت في المرتبة السادسة، مقابل المرتبة الثانية في الاستقلال القضائي وفعالية الحكومة، والسابعة في المؤشر العالمي لحرية الصحافة. وجاءت الكويت في المرتبة 50 واقتربت من المعدل العالمي في مؤشر المعرفة البالغ 48 متقدمة 9 درجات عن العام السابق. وفي المؤشرات القطاعية، حلّت الكويت في المرتبة 41 في التعليم العالي، و82 في التعليم التقني والتدريب المهني، و51 في البحث والتطوير والابتكار، و50 في التعليم قبل الجامعي، و63 في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، و46 في الاقتصاد، و55 في البيئات التمكينية. وبرزت الكويت في البيئات التمكينية من خلال مؤشر التكافؤ بين الجنسين في التعليم والذي جاءت فيه بالمرتبة الثانية عالمياً، فيما حلّت في المرتبة السابعة في نصيب الفرد من الناتج المجلس الإجمالي ضمن مؤشر التمكين. وفي استخدام الأفراد للإنترنت والاستثمار السنوي في خدمات الاتصالات، حلت الكويت في المرتبة الثانية عالمياً، مقابل المرتبة الثالثة في متوسط الإنفاق على البحث والتطوير لكل باحث. سبعة مؤشرات محورية وشرحت المؤسسة على هامش فعاليات قمة المعرفة، المحاور السبعة التي يقوم عليها المؤشر ودورها في تنمية اقتصاد المعرفة، لافتة إلى أن قطاع التعليم قبل الجامعي يلعب دوراً محورياً في بناء رأس المال المعرفي باعتباره أول مداخل تجهيز الناشئة لتحقيق الإنتاج والإبداع المعرفي من خلال تزويدهم بالعلوم والمعارف، وإكسابهم القدرات والمهارات الإبداعيّة، وتزويدهم بالقيم، وتوسيع فرصهم في التعلّم مدى الحياة، فيكون بذلك المدخل الأمّ في منظومة إنتاج المعرفة وتوطينها، من حيث أنه يزود القطاعات الأخرى بالأساس المعرفي الذي يمكن البناء عليه وتطويره، ويضم قطاع التعليم قبل الجامعي محورين: رأس المال المعرفي والبيئة التمكينية التعليمية. ويحتل قطاع التعليم التقني والتدريب المهني موقعاً محورياً في المنظومة التكوينية باعتباره المدخل الأساسي لقياس مدى ارتباط التعليم بسوق العمل ولتقدير إمكانيات مؤسسات الإعداد والتدريب للنهوض بالرأس المال البشري وتأهيله لتوفير فرص الإدماج المهني للشباب المتعلِم، وتزداد أهميته مع التحول التدريجي والمستمر نحو اقتصاد المعرفة بمساهمته في توفير العمالة الماهرة وضمان شروط العمل اللائق وتوليد مزيد من فرص إنتاج المعرفة من خلال فتح الآفاق للانخراط في برامج تكوينية وتعليمية مدى الحياة، ويضم قطاع التعليم التقني والتدريب المهني محورين: التكوين والتدريب المهني وسمات سوق العمل. تعليم الشباب ويكتسب قطاع التعليم العالي أهمية كبيرة باعتباره عنصراً فعالاً في تعليم الشباب وتطوير كفاءاتهم وتوسيع معارفهم ومهاراتهم ممّا يسهم في تحسين القدرة التنافسيّة لأي بلد في الأسواق العالميّة وفي رفع مستوى الدخل الفرديّ وفي دفع نموّ المجتمع ككل. كما أنه عنصر أساسي في دعم القدرات على إنتاج المعرفة واستخدامها في شتى المجالات، إذ يُعدّ من أهم العناصر المساهمة مباشرة في تطوير البحث العلمي والتطور التكنولوجي وتحسين العملية التعليمية في مختلف المراحل والدفع نحو اقتصادات المعرفة، يضم قطاع التعليم العالي محورين: مدخلات التعليم العالي، ومخرجات التعليم العالي وجودته. أما قطاع البحث والتطوير والابتكار فهو مهم جداً في تحديد نجاح بلد ما في بناء مجتمع المعرفة واقتصاد المعرفة الخاصين به، ويسهم البحث العلمي بشكل أساسيّ في زيادة المخزون المعرفي على مستوى الدول والأقاليم، كما أنّ الابتكار يرتكز أساساً على إنتاج سلع وخدمات وعمليات إنتاجية ونماذج تنظيمية وتسويقية جديدة أو مُحسَّنَة بصورة كبيرة. وعليه فإنّ منظومة البحث العلميّ والابتكار هي بمثابة المحرك للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في البلدان المتقدمة والنامية على حدٍ سواء، ويشكّل قطاع البحث والتطوير والابتكار وثيقة الارتباط بسائر القطاعات من حيث إنه يمثّل مدخلات أساسية لهذه القطاعات وهي المستفيدة من مخرجاته. يضم قطاع البحث والتطوير والابتكار ثلاثة محاور: البحث والتطوير، والابتكار في الإنتاج، والابتكار المجتمعيّ. المعلومات والاتصالات ويلعب قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات دورًا محوريًّا في منظومة المعرفة، فهو داعم لجميع القطاعات الأخرى المكوِّنة لها، من تعليم أساسي وتعليم فني وتقني وتعليم عالٍ وبحث وتطوير وابتكار واقتصاد. وهو بدوره يتأثّر مباشرة بمخرجات العملية التعليمية بجميع مراحلها، وبقدرات الدولة في مجالات البحث والتطوير والابتكار، كذلك بالمناخ الاقتصادي والتشريعي في الدولة المعنية، كما أضحى تقدّم الإنتاج كثيف المعرفة مرتبطًا على نحوٍ وثيق بتوفر التقنيات المتقدّمة، ولا سيَّما أنَّ شبكات الإنترنت قد أتاحت بدورها فرصة لتجميع المعرفة وربطها ونشرها على نحو غير مسبوق، يضم قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات محورين: مدخلات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومخرجات تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات. قطاع الاقتصاد ويرتبط قطاع الاقتصاد ارتباطاً وثيقاً بالمعرفة، وأشارت الدراسات إلى أن تعريف اقتصاد المعرفة مرتبط بشكل أساسي بمستويات إنتاج المعرفة بمختلف أنواعها وتوزيعها واستخدامها، فالمعرفة هي المحرك الجوهري للتنمية المستدامة وخلق الثروة وإيجاد فرص التوظيف في شتّى المجالات الاقتصاديّة، الصناعيّة أو الزراعية أو الخدماتية على حدٍ سواء، وخلافًا للمفهوم التقليدي لتحليل الموارد الاقتصادية ووفرتها، يقوم اقتصاد المعرفة بشكل أساسي على تأهيل الموارد الاقتصادية، خاصةً البشرية منها، بأدوات المعرفة من أصول معرفية رقمية وتكنولوجية ومهارات ابتكارية وإبداعية، فالاستثمارات في المعرفة يمكن أن تسهِم في زيادة الإنتاجية وزيادة العائدات، كما يمكن أن يسهم النموّ الاقتصادي في دعم القدرة المعرفيّة للدولة. يضم قطاع الاقتصاد ثلاثة محاور: التنافسيّة المعرفية، الانفتاح الاقتصادي، والتمويل والقيمة المضافة. ونظراً إلى أنّ هذه القطاعات الستة لا تعمل في عزلة عن محيطها وإنّما تتحرك في فضاء محكوم بجملة من العوامل السياقية، فقد أُضيف مؤشر سابع يتصل بالبيئات التمكينية العامّة المشتركة بين القطاعات المعنية. يضمّ مؤشر البيئات التمكينية ثلاثة محاور: السياسة والمؤسّسات، الاقتصاد والمجتمع، والصحّة والبيئة. مشاركة الإناث تعتبر مشاركة الإناث في القوى العاملة مقياساً لنسبة السكّان في سن العمل في دولة ما الذين يشاركون بنشاط في سوق العمل إما بالعمل أو بالبحث عن عمل. وهي تعطي مؤشراً لحجم المعروض من اليد العاملة المتاحة للمشاركة في إنتاج السلع والخدمات كنسبة إلى السكان في سن العمل. وتضم القوى العاملة جميع الأشخاص في سن العمل الذين يقدمون قوة العمل اللازمة لإنتاج السلع والخدمات خلال فترة زمنية معينة. ويعكس متغير فعالية الحكومة التصورات المتعلقة بجودة الخدمات العامة وجودة الخدمة المدنية ودرجة استقلالها عن الضغوط السياسية وجودة صياغة السياسات وتنفيذها ومصداقية التزام الحكومة بهذه السياسات. وتشكل التأثيرات الاجتماعية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات محوراً ضمن مؤشر التأثير، وهو أحد المؤشرات الفرعية ِّ لمؤشر الجهوزية الشبكية. ويقيم هذا المحور التقدم الاجتماعي الذي حدث في دولة ما نتيجة لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وهو يركز على تقييم أثر تكنولوجيا على إتاحة الخدمات الأساسية والتعليم وكفاءة الحكومة ومشاركة المواطنين في صنع السياسات العامة من خلال برامج الحكومة الإلكترونية. ثنائية المعرفة والتنمية يتزامن صدور هذا التقرير مع دخول مشروع المعرفة سنته العاشرة، وهو مشروع تميز منذ بداياته بالتركيز على ثنائية المعرفة والتنمية في سياق تكاملي وتفاعلي يراعي خصوصيات الدول العربية. ولم يكن هذا ممكناً لولا التعاون، والشراكة الطويلة الأمد بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة. انطلاقاً من المعرفة كحجر زاوية، احتضنت هذه الشراكة رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وهو القائل، «في سباق التميز، لا يوجد خط للنهاية». استشراف المستقبل يقوم مؤشر المعرفة العالمي بقياس المستوى الحالي للمعرفة، ويركز الإصدار الثالث هذا العام على أهمية استشراف مستقبل المعرفة، حيث تم بناء نموذج جديد، لقياس جاهزية المعرفة، مستخدماً البيانات كبيرة الحجم، وآخذاً في الاعتبار التطورات التكنولوجية المتسارعة، وتأثيراتها القوية على القطاعات المعرفية المختلفة. ما هو مؤشر المعرفة العالمي؟ مؤشر المعرفة العالمي هو نتاج مبادرة مشتركة بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، أُعلِنَ عنها في قمة المعرفة للعام 2016، تأكيدًا على الدور الاستراتيجي للمعرفة وأهمية توفير أدوات منهجية لقياسها وحسن إدارتها. ويأتي مؤشر المعرفة العالمي للعام 2018 لاستكمال المسيرة التي بدأ فيها المؤشر في أول إصدار له عام 2017. ويُعنى مؤشر المعرفة العالمي بقياس المعرفة كمفهوم شامل وثيق الصلة بمختلف أبعاد الحياة الإنسانية المعاصرة، وتكريس ذلك في سياق مقاربة مفاهيمية ومنهجية متناسقة تتميّز بثلاثة محاور هي أولاً الاستناد إلى رؤية فكرية مبنيّة على أدبيات وتقارير أممية تؤكّد تلازمية المعرفة والتنمية، لتتحوّل بمقتضاها المعادلة من منظور التنمية القائمة على الموارد المادية والطبيعية إلى تنمية ذكية قائمة على الموارد المعرفية، وتصبح المعرفة في إطار ذلك أساسَ تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. وثانياً اعتماد المفهوم الواسع للمعرفة، كمضمون مركّب متعدّد الأبعاد، يمكن أن يتجلّى بأشكال مختلفة عبر عدد من القطاعات المتكاملة هي التعليم قبل الجامعي، التعليم التقني والتدريب المهني، التعليم العالي، البحث والتطوير والابتكار، تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات، والاقتصاد، بالإضافة إلى البيئات التمكينية. وهذا من شأنه أن يكرّس نظرة نسقيّة في التعامل مع المعرفة تؤدّي إلى مقاربة أكثر عمقًا في معالجة الفجوات المعرفية بين القطاعات وبداخلها. وثالثاً تكريس التواصل المعرفي مع التجارب السابقة، والمنهج التشاركي الذي تجسّد في تنظيم اجتماعات منتظمة بين أعضاء الفريق المركزي المشرف على بناء المؤشرات القطاعية لمناقشة مختلف الخيارات وضمان اتساقها، إلى جانب عقد لقاءات تشاورية مع خبراء خارجيين من منظمات إقليمية ودولية في اختصاصات متّصلة مباشرةً بالقطاعات.
مشاركة :