الإسلام اكتمل في حياة رسول الله

  • 12/14/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

السنة النبوية الشريفة، وهي الأصل الثاني في الإسلام بعد القرآن الكريم. لم تسلم من أحقاد خصوم الإسلام الذين أحاطوها بالشبهات والأكاذيب، لزعزعة ثقة المسلمين بها، وصرفهم عنها ضمن مخططهم للتشكيك في الدين.أبرز دعاواهم ما تبناه المستشرق «جولد تسيهر» الذي زعم أن الحديث أو القسم الأكبر منه كان نتيجة للتطور الديني والسياسي والاجتماعي للإسلام في القرنين الأولين، وكذلك ما ذكره عما سماه «طفولة الإسلام ونضوجه»، الأمر الذي يعني في رؤيتهم الحاقدة أن الإسلام لم يكتمل بصورته الحالية في حياة الرسول، صلى الله عليه وسلم.إن الواقع والتاريخ يكذبان هذه المزاعم، فقد انتقل الرسول، صلى الله عليه وسلم، إلى الرفيق الأعلى بعد أن اكتمل الدين تماما كما أكد القرآن الكريم: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا»... (سورة المائدة: 3).يقول الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري الأسبق في كتابه: «الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري» السنة النبوية هي الأصل الثاني للإسلام. وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، أن يبلغ رسالته إلى الناس، فقال عزّ وجلّ: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ»... (سورة المائدة: 67).والأمر لم يكن مجرد تبليغ آلي، وإنما هو تبليغ مصحوب بالتبيين، كما ورد في قوله تعالى: «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ»... (سورة النحل: 44).ارتباط لا ينفصمويضيف الدكتور زقزوق: «إن الرسول صلى الله عليه وسلم، فعل ما أمره الله تعالى به، فكانت سنته المتمثلة في أقواله وأفعاله وتقريراته بمثابة تفصيل مجمل القرآن الكريم، وبيان مشكله، وبسط مختصره. وبذلك يكون الارتباط بين القرآن والسنة ارتباطا لا يتصور أن ينفصم في يوم من الأيام». وقد نبه النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى تلك الحقيقة، فقال: «تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي»... (رواه الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة).ومن أجل ذلك اهتم المسلمون اهتماما عظيما بالسنة النبوية، بوصفها الأصل الثاني للإسلام. وقد كان هذا الفهم يعد من الأمور البديهية لدى صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.ويلفت الدكتور زقزوق إلى أن المستشرقين بعد محاولاتهم الفاشلة للتشكيك في القرآن الكريم من جوانب مختلفة، وبعد أن أعياهم البحث ولم يكن لهذه المحاولات أي أثر إيجابي لدى المسلمين المتمسكين بقرآنهم، أراد هؤلاء المستشرقون أن يوجهوا محاولات التشكيك إلى ناحية أخرى.. إلى الأصل الثاني للإسلام وهو السنة، مع الاستمرار في محاولاتهم السابقة الفاشلة.نقد الرواةويؤكد د. زقزوق أن علماء المسلمين الذين اهتموا بجمع الحديث النبوي لم يفرطوا إطلاقا في ضرورة التدفق الذي لا حد له في رواية الحقائق، فقد وضع القرآن الكريم أمامهم أهم قاعدة من قواعد النقد التاريخي في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا»... (سورة الحجرات: 6).وتتمثل هذه القاعدة في أن أخلاق الراوي تعد عاملا مهما في الحكم على روايته. وقد أفاد المسلمون فائدة عظيمة من هذه القاعدة، وطبقوها على رواة الأحاديث النبوية.ولعلماء الحديث باع طويل في نقد الرواة، وبيان حالهم من صدق أو كذب، فقد وصلوا في هذا الباب إلى أبعد مدى، وأبلوا فيه بلاء حسنا، وتتبعوا الرواة، ودرسوا حياتهم وتاريخهم وسيرتهم، وما خفي من أمرهم وما ظهر، ولم تأخذهم في الله لومة لائم، ولا منعهم عن تجريح الرواة والتشهير بهم ورع ولا حرج.وقد وضع رجال الحديث القواعد الدقيقة التي ساروا عليها فيمن يؤخذ منه ومن لا يؤخذ منه، ومن يكتب عنه ومن لا يكتب.إكمال السنةويلفت الدكتور زقزوق إلى أن هذه الآية الكريمة تتضمن أيضا إكمال السنة، لأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مُبلغ ومُبين لما في الكتاب، فالحديث عن مرحلة نضوج الإسلام بعد وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم، حديث لا أساس له ويكذبه الواقع والتاريخ، لأن النضوج كان قد تم بالفعل قبل وفاته.فإذا كان المراد بالنضوج هو تطور الفكر الإسلامي أو الفقه الإسلامي فهذا أمر آخر مع الأخذ في الاعتبار أن تطور الفقه الإسلامي لم يخرج في أثناء بحثه عن حلول لما جد في المجتمع الإسلامي من مشكلات لم يكن لها نظير من قبل عن الخطوط العامة التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية. أما أن الحديث كان انعكاسا للتطورات التي شهدها المجتمع الإسلامي في القرنين الأولين، فيكذبه الحديث الشريف الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي»... (رواه الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة).وقد كان من نتيجة ذلك جمع المسلمين على كلمة سواء في العقائد والعبادات والأخلاق وأحكام المعاملات في كل بقاع الأرض. فكيف يمكن حدوث ذلك إذا لم يكن الدين قد اكتمل؟ويمضي الدكتور زقزوق قائلا: «إن القول بأن الحديث أو القسم الأكبر منه كان نتيجة للتطور الذي حدث في المجتمع الإسلامي في القرنين الأول والثاني يترتب عليه ألا تتحد عبادة المسلم في شمال إفريقيا مع عبادة المسلم في جنوب الصين، نظرا للاختلاف البعيد في البيئة في كل منهما. فكيف اتحدا في العبادة والتشريع والآداب وبينهما هذا البعد وهذا الاختلاف؟.

مشاركة :