فقدت الأمة الإسلامية رجلاً مخلصاً وفياً لدينه وأمته ووطنه، رجلاً سخر حياته خدمة للإسلام والمسلمين، رجلاً شرف بخدمة الحرمين وجعلها من أولى اهتماماته فشهدت في عهده أكبر توسعة مرت عليهما عبر التاريخ، رجلاً حمل مواطنيه في قلبه ولا تزال كلماته الصادقة المعبرة في نفس كل مواطن سعودي (أيها المواطنون يشهد الله أني أحملكم في قلبي واستمد العزم والعون من الله ثم منكم) فكما حملنا في قلبه حملناه في قلوبنا أحبنا وأحببناه صدقنا وصدقناه، ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم معنى يصلون: أي يدعون. وهذا هو عبدالله بن عبدالعزيز وهذه إنجازاته شاهدة عليه، وهذه خاتمته أولى عاجل بشاراته فتوفي ليلة الجمعة في وقت التنزل الإلهي، وفي ساعة استجابة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: « ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر» رواه أحمد والترمذي، قال الألباني: الحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح. لن ينسى التاريخ وقفاتك الصادقة ولن ينسى التاريخ جهودك المباركة ولن ينسى التاريخ حبك لوطنك فقد أرسيت دعائم البنية التحتية لوطن أحببته وأخلصت له، لن ينسى التاريخ كلماتك الصادقة المعبرة للاطمئنان على شعبك كل ليلة، ولن ينسى كل مواطن مخلص صادق وصيتك لشعبك (لا تنسوني من دعائكم) فلن ننساك يا عبدالله ولن ننسى صنائعك، فارقد قرير العين جعل الله قبرك روضة من رياض الجنة ورفع منزلتك في عليين وحشرك في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وبارك الله في خلفك سلمان العز سلمان القوة والأنفة الذي تحمل الأمانة ورفع الراية فور فاضت روح سلفه لباريها فكان خير حامل وخير خلف لخير سلف، وأرسى دعائم دولة تولى قيادتها وأخرس ألسن الحاقدين والشانئين ودموعه على خديه، فهذا هو قوة العزم وثبات الإرادة والرضا بقضاء الله وقدره عزم وحزم وقوى عضده بنائبين لهما من الخبرة والتجربة ما يجعلهما أهلاً لتحمل الأمانة في وقت عصيب ومحرج يحيط بالأمة من كل جانب مما يتطلب رجال الموقف، وإنها حقاً أمانة ومسؤولية تنوء بحملها الجبال فمرد الجميع لما صار له سلفهم والكل أمام الله محاسب فطوبى لمن تحمل الأمانة وصدق الله وعدل بين رعيته فالإمام العادل هو أول السبعة:الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ في بَعضِ خُطَبِهِ: ((أَصحَابُ الجَنَّةِ ثَلاثَةٌ: إِمَامٌ مُقسِطٌ مُصَّدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ القَلبِ بِكُلِّ ذِي قُربى وَمُسلِمٍ، وَرَجُلٌ عَفِيفٌ فَقِيرٌ مُصَّدِّقٌ)) رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. بَل لَقَد عَدَّ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ إِجلالَ الإِمَامِ العَادِلِ مِن إِجلالِ اللهِ تَعَالى وَتَعظِيمِهِ فقَالَ: ((إِنَّ مِن إِجلالِ اللهِ إِكرَامَ ذِي الشَّيبَةِ المُسلِمِ، وَحَامِلِ القُرآنِ غَيرِ الغَالي فِيهِ وَلا الجَافي عَنهُ، وَإِكرَامَ ذِي السُّلطَانِ المُقسِطِ)) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. حق على الأمة أن تسمع وتطيع في طاعة الله وأن تناصح وتحب من ولاه الله أمرنا وحق على الإمام ونائبيه النصح والصدق والإخلاص فعزهم في طاعة الله وخدمة شعوبهم، احملوهم في قلوبكم وكونوا رحماء عليهم مشفقين بهم وغلبوا العفو على العقوبة والرحمة على البطش والحلم على الغضب ففيهم السفيه والجاهل وذا الحاجة والمظلوم وقليل المعرفة جاعلين نصب أعينكم تقوى الله جل وعلا في السر والنجوى فإن المسؤولية أمانة والأمانة رعاية والرعاية حفظ وإصلاح والرعية ستجيبكم بالسمع والطاعة والعالم ينظر لهذه البلاد المباركة نظرة تقدير واحترام واعتزاز.. سر الصديق وأحزن الأعداء فسلاسة وبساطة في الفراق وسلاسة في انتقال الحكم من سلف أفضى لخالقه وخلف تحمل الأمانة بعده أمسينا على ملك وأصبحنا على ملك وولي عهد وولي ولي عهد في اجتماع كلمة واتحاد صف فلله الحمد أولا وآخرا ونشهد الله على مبايعتهم على السمع والطاعة في المنشط والمكره ونسأل الله أن يمدهم بعونه وتوفيقه. *وكيل وزارة الداخلية لشؤون الحقوق سابقاً
مشاركة :