تطور استخدامات التقنية ومحاولات الحد من البطالة لا يجتمعان، ولا يتقاربان، أي أن العلاقة بينهما (عكسية) كما في علم الرياضيات، فأحدهما ينمو على حساب الآخر. وذلك طبعاً بافتراض سيادة المعايير الاقتصادية الحقيقية والخضوع لعوامل العرض والطلب والربح والخسارة. وأذكر في لقاء مع وزير العمل سرده لقصة تؤكد هذا المعنى عندما كان معاليه المسؤول الأول في شركة صافولا. يقول إن الشركة استغنت عن عشرات من العمال الوافدين (الذين كانوا يعبئون الكراتين بمنتجات الشركة من الزيوت ومشتقاتها) بعدد ضئيل من المشرفين على معدات آلية تقوم بالتعبئة الأوتوماتيكية بدل الإنسان. القصة ساقها الوزير للتدليل على إحدى صور دعم السعودة عن طريق إحلال عشرات الوافدين بعدد قليل من المواطنين، ربما لا يزيدون عن خُمس أو عُشر العدد الأصلي. صحيح أن التقنية تأخذ طريقها وتفرض تطبيقاتها على الوظائف التي تتطلب (عضلات) أكثر من (أدمغة)، أو تلك المقتصرة على أعمال روتينية متكررة. لكن في الوقت نفسه لبناء (أدمغة) قادرة على المنافسة، لابد من توفير (تعليم) عام وجامعي أكثر من جيد، وهو ما أحسبه عزيزاً اليوم. وحتى بعض الأعمال التي تتطلب مهارات خاصة (ليس بالضرورة متقدمة) في طريقها إلى الميكنة! وهذه مهنة (تشغيل تراكتور) تقع اليوم تحت طائلة (الميكنة) ليس بهدف التوفير، وإنما لنقص في الكوادر، إذ يقل الإقبال عليها، ربما بسبب الملل منها أو لمشقتها أو لقلة مردودها المالي. اليوم ثمة معدات ثقيلة مجهزة بأنظمة ملاحة دقيقة تساعد على الحفر بدقة، وعلى تسوية الأرض بدقة، ولكن تحت إشراف مشغل انحصر دوره في (برمجة) المعدة، وهو في مقصورة تشغيلها لكن ما أدراك ما يحمل المستقبل بعد عقد من الزمان. مثال آخر الطائرات الحربية التي تطير (بلا طيار)، والتي ستكون عماد القوات الجوية في معظم دول العالم خلال عقد أو اثنين على الأكثر. الدرس المتوخى من هذا التطور التقني المتسارع هو أهمية أخذ هذه التغيرات بعين الاعتبار باستمرار، فلربما لم تعد حتى التخصصات العلمية التقليدية في الهندسة والعلوم والحاسب الآلي بمناهجها وطرق تدريسها الحالية كافية للمنافسة في عالم متسارع متغير. salem_sahab@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain