يعد مهرجان الفنون الإسلامية بالشارقة أكبر حدث في الوطن العربي لرعاية الفنون الإسلامية، إذ يتضمن عددا كبيرا من معارض اللوحات والأعمال الإبداعية المستوحاة من الفنون الإسلامية، إلى جانب محاضرات وورشات فنية لكبار الفنانين. الشارقة ـ تنطلق الأربعاء، فعاليات الدورة الحادية والعشرين لـ مهرجان الفنون الإسلامية، في متحف الشارقة للفنون، ويضم نحو 600 نشاط، تتوزع بين 238 فعالية، و377 عملا فنيا على مدى 30 يوما. قال محمد إبراهيم القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة بالشارقة، ومدير مهرجان الفنون الإسلامية، إن الفعاليات تشمل 55 معرضا يحتضنها متحف الشارقة للفنون، وواجهة المجاز المائية، ومركز مرايا للفنون، وجهات أخرى في الإمارة، في حين يشارك في مهرجان هذا العام 63 فنانا من 20 دولة عربية وأجنبية، ومن المنتظر أن يقدموا 377 عملا فنيا من تجهيزات، وحروفيات، وجداريات ولوحات في الخط الأصيل والزخرفة، فيما سيتم تنظيم 144 ورشة فنية، مع عرض 11 فيديو لتجارب فنية متنوعة، في حين ستعقد دورة تدريبية في الخط العربي.تتضمن النسخة الجديدة من مهرجان الفنون الإسلامية إقامة ملتقى خطاطات الخليج، وذلك للمرة الأولى منذ تأسيس المهرجان في العام 1998، ويأتي الملتقى بالتعاون مع جمعية الإمارات لفن الخط العربي والزخرفة الإسلامية، والذي تشارك فيه 21 خطاطة شابة يتلمسن خطى الإبداع من الإمارات، والكويت، والسعودية، والبحرين، وسلطنة عمان، وذلك دعما للمبدعات في فنون الخط العربي، ويضم الملتقى 42 عملا بتنويعات خطية لافتة، كما سيتم في الجانب النظري تقديم 26 محاضرة حول الفنون الإسلامية، فضلا عن اللقاء الحواري المفتوح بين الفنانين والجمهور. ومهرجان الفنون الإسلامية حدث فني دولي متخصص في الفنون الإسلامية تنظمه دائرة الثقافة بالشارقة، يعكس حيوية الفنون الإسلامية وعمقها التعبيري كلغة فنية عالمية. ويعنى المهرجان الذي تأسس في العام 1998، بمنجز الفن الإسلامي في بعديه الحضاري والراهن، حيث يعرض كل عام لأنماط الفن الإسلامي الثرية والمتنوعة في الزمان والمكان، ويقام بشكل دوري لمدة شهر، مرة كل عام في منتصف شهر ديسمبر، برعاية الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. ويترجم المهرجان رؤية الشارقة، ومن خلالها الإمارات في تأصيل الفنون الإسلامية وتجديدها وترسيخ حضورها على الساحة العالمية المعاصرة للإبداع البصري. جاءت الدورة الـ21 لمهرجان الفنون الإسلامية تحت شعار “أفق”، وعنه قال محمد إبراهيم القصير إن “اختيار أفق، هذه المفردة/ الخيال، دفعت إلى الرغبة في الابتعاد عن المباشرة، والذهاب إلى مجازات التعبير، وجماليات التأمل، واستكشاف أسرار الصورة المصاغة بالإحساس، وبالتالي تذوّق حالة من التلقي تتدفق معها الصور، على وقع ما أجاز الفنان لنفسه من آفاق تعبيرية”. كما أكدت مطوية المهرجان على هذا المنحى، فخطّت “يتضمن الأثر الفني كمنجز إبداعي له تأثيره، وحياته الخاصة، فهو مُبتكر وجديد على الحياة الواقعية التي نعيشها وندركها بحواسنا ومشاعرنا وبصيرتنا، فاللوحة بما تحتوي من ألوان وخطوط وفراغات وأبعاد إنما تعكس منظومات وروابط ومضامين”. ومعلوم أن من بين عناصر اللوحة ما هو مرئي ومنها ما هو مدرَك بالحدْس، ويؤدي تأليف هذه العناصر المتفاعلة في ما بينها وتشكيلها وفق منظومات بعينها في ظل خيارات لا حصر لها، إلى تحقيق جملة من القيم، التي ترسم آلية تلقي العمل الفني وفاعليته، إثر إيجاد هيئة بصرية جديدة من خلال هذا العمل، لم تكن هذه الهيئة موجودة قبل هذا الاشتغال الفني الذي قام به الفنان، ولهذا فإن الأثر الفني يعكس حياة أخرى تكمن فيه ولها نبضها، نتحسس جمالياتها ومدلولاتها. وفي المقابل، وكي تتحقق هذه الهيئة الفنية البصرية المنشغلة بذاتها، فلا بد من عنصر قادر على صنع الفارق، وإيجاد الممكن، بفرض ذاته على الحالة الإبداعية، هذا العنصر هو الخيال، ومن خلاله يتمكن الفنان من تصوّر ما يفكر فيه، في لحظة راهنة وحديثة، بناء على تركيز تلقائي في ما يمتلك من طاقات وخبرة وذاكرة وقراءة جادة للتراث، إضافة إلى تحفيز وظائف العقل المختلفة.وهذا التصوّر من شأنه تكوين الصورة في المخيّلة باعتبار تصاعدية التعبير والنظرة إلى الجمال الموافق للحظة والغاية، ومن هنا فإن الخيال والجمال ثنائية مترابطة ومقدمة للأثر الفني، ومع اتقاد الخيال فإن أفق التعبير تتسع وتتعدد خيارات الاشتغال الفني فيه، إضافة إلى احتمالات إيجاد الأنماط وتوظيفها. ويؤكد القصير بقوله “إن هذا الحديث يحيلنا إلى مفهوم الفن الذي وُلد في أحضان المشرق على يد الفنان المسلم، منسجما مع الفكر الإسلامي، ومعبرا عن الجمال المطلق دون التسجيل الحَرْفي للشيء وإنما في ابتكار المفردة البصرية التي باتت سمة للصورة في العالم الإسلامي، عبر التصوير المجرد، انطلاقا من التعبير عن المطلق، وملء الفراغ بالعناصر الزخرفية المتماثلة والمتناظرة، والتي نشأت من التأثر بالطبيعة والإلمام بالعلوم كالهندسة والفلك، إضافة إلى المنظور الروحي، لنرى عناصر العمل الإبداعي في الفن الإسلامي مستقلة عن الواقع، متحررة من الدلالة المحددة، بل وتصرّح بواقع جديد يتفرّد بجمالياته ويشكل مركز إشعاع”. ومن هناك تتبلور آفاق الخيال ومجازات التعبير والصورة المجردة وجمال العنصر وسحر الصورة بكلّيتها سواء كانت لوحة توضيحية، منمنمة، رقشا، أو عمارة.
مشاركة :