ابن الديرة عندما يكون الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية على هذا المستوى، فإن أجواءً من الثقة والطمأنينة تلوح في الأفق، خصوصاً، حين يُطرح الحل العلمي ويُعتمد نهجاً وطريقاً. الأخبار توالت من دبي وباريس، حيث أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مبادرة تحقق الدرس العلمي للغة العربية بتحديد واقعها وأفقها، وبمشاركة الجامعات والأكاديميين والباحثين، وفي خطوة علمية لافتة، اجتمع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بمجامع اللغة العربية جميعاً في العاصمة الفرنسية، ولا يخفى معنى أو جدوى الاجتماع الذي ينعقد برئاسة قامة علمية وأدبية مثل الدكتور سلطان، ورمزية توقيت الاجتماع في اليوم العالمي للغة العربية الذي خصص بمعرفة «اليونسكو» والعالم.هكذا إنما يتحقق الاحتفال الحقيقي المعبر فعلاً عن أهمية وضرورة لغتنا الأم في حياتنا وحياة أجيالنا المقبلة، وما لم نتبع الأسلوب العلمي في مواجهة مشاكل أو أزمات اللغة العربية، فإن النتائج، لا محالة، وخيمة، فالسائد اليوم، عربياً لا محلياً فقط، الانصراف عن اللغة العربية بدل الانصراف إليها، إلى أن أصبح واقعها لا يسر أبداً سواء في البيوت أو المكاتب والمصانع والجامعات، فلم تعد اللغة المفضلة في التعليم، وإذا كان المساق التعليمي في هذه الجامعة أو تلك باللغة الإنجليزية أو غيرها من اللغات الأجنبية، فهو لهذا السبب لا غير يعد الأفخر والأجود من دون حساب المعايير الأكاديمية للأسف، حتى أصبحت هذه الجزئية الغريبة بعض ثقافة الناس.طبعاً هناك مشاركات وملامح كبرى تجمع بين منظومة أزمة اللغة العربية في مختلف الدول العربية، ومنها وضع الجمود الذي تعانيه لجهة المناهج والدرس اللغوي التقليدي في الأغلب الأعم، وعدم إقبال الطلاب بأعداد كافية للتخصص في «العربية لغة وأدباً»، وفي المقابل، هناك مشكلات خاصة داخل القطر الواحد، مشكلات مناطقية إذا شئتم، وفي دولة الإمارات تأثرت اللغة العربية بالخلل السكاني على مدى العقود الماضية، وقد أثرت الخريطة التعليمية واللغوية لسكان الإمارات على واقع اللغة العربية وبالتالي أفقها ومستقبلها، أضف إلى ذلك تراجعها المروّع في التعليم، وعدم اعتبارها شرطاً في سوق العمل، فما هو العمل؟أول العمل المعرفة، وما قام به محمد بن راشد وسلطان يهيئ الأرضية العلمية الصلبة نحو معرفة حقيقية بمواضع الإيجاب والسلب، وصولاً إلى إنجاز خطوات ملموسة على الأرض، وكأن لسان الحال: لا مكان بعد اليوم للكلام الفضفاض عن اللغة العربية، فمن يرى أنه لا مشكلة ومن يرى المشكلة بقلبه، يجب أن يحتكما إلى العلم في ظل تقدم كبير في الدرس اللغوي على مستوى العالم.القصد أن مستقبل لغتنا الأم في لغتنا أفضل بمثل هذه القرارات والخطوات، ودولة مهمة واستثنائية وحديثة مثل الإمارات منفتحة بالتأكيد على كل لغات وثقافات العالم، لكنها، في وقت الجد، لا تسمح بأن تحل أي لغة محل اللغة الأم.نعم للعاطفة في هذا المجال، لكن القلب وحده لن يشخص الحالة أو يعاجلها، ولا بد من العلم والعقل. ebnaldeera@gmail.com
مشاركة :