بين القلب والعقل

  • 6/3/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

للعقل قدرة عجيبة عجز العلم عن تفسيرها، وشهدت حضارات اﻷمم عليه. لكن يظهر قصور العقل واضحا إن طغى وسيطر وأصبح هو اﻵمر والناهي وأغلق وأحكم اﻹغلاق على القلب فيستبدل رحمته بقوانين بشرية ثابتة، ويخلص نفسه من اﻷحاسيس التي تعين الفطرة السليمة على الانضباط والتوازن فيسرح بنفسه ويعجب بمعجزته فيطلق العنان لمخيلته ويحل كل تصرف ويبيح كل مرفوض. والشعوب العقلية هي شعوب ناهضة مفكرة مخيفة في تسارعها إلى التقدم لها ظاهر مبهر معجز لكن باطنها مهزوز مضطرب، وهي متلبسة بلباس عدل جميل تخفي تحته أشكالا من الظلم البواح. ويطغى ظاهر الشعوب العقلية على أمراضهم النفسية المتخفية تحت حالة من الغرور واﻹعجاب. وللقلب أيضا قوة يستطيع أن يهدم بها الجبال وله حماسة تجند بها الجيوش ولو ترك العنان للقلب دون استشارة العقل لخرب ودمر لعقود من الزمان. والشعوب القلبية هي شعوب منغلقة على نفسها، سطحية ترهب التغيير تؤمن بالخيالات وتصدق الخرافات، ومن أشد عيوبها أنها تحرف اﻷديان وتغالي في المفاهيم وتعيش تحت أحلام الماضي دون أي محاولة للتجديد ومماشاة الحاضر. فمن هذه الرؤية نجد طغيان الجهل في الشعوب القلبية وانحلال القيم في الشعوب العقلية ونجد أن طريق الوسط بين القلب والعقل هو طريق بعيد أشد البعد من قدرة القلب والعقل. فهم عاجزون على مر القرون بقصورهم الواضح عن إعطاء البشرية حقها وجلب العدل لها فالصراعات أزلية بينهم. وللتاريخ دلالات لا حصر لها تشهد على هذا التخبط والتنازع المدمي وعدم الرضا اﻷبدي طالما اقتنع البشر أن عقولهم أو قلوبهم قادرة على جلب السلام والصلاح للأرض والبشر. وإن تأملت النفس السليمة للحظات سيتبين لها حتما أن بين معارك القلب والعقل تتجلى دائما ربوبية رب العالمين الخالق العالم بما فيه صلاح خلقه، خلق القلب والعقل وهو أعلم بمحدوديتهم فأنزل لهم شرع السماء رحمة لهم ووضع قوانينه القادرة على علاجهم وضبطهم وتقويم انحرافهم وردع طغيان أحدهم على اﻵخر فيهتدوا بإذنه إلى الصراط المستقيم.

مشاركة :