سعدية مفرح... وقصائد الوجع العربي

  • 2/3/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

< هل يمكن أن نروج للحقائق الإنسانية من خلال حلم بريء؟ أعني حقيقة الانتماء الوجودي لقِبلة الوجود؟ فنراوح أمكنتنا بعبور الزمن الموصوف بالعار، إلى زمن تُزهر فيها أسوار القدس، وتعلو فيه رغوة الروح.. لا شيء أقسى من انطفاء جذوة الإيمان، حين يدبُّ فينا مرض التشاؤم، وسطحية الهموم وانعدام الهويَّة، ولا شيء أجمل من أن يتحول الحلم من مجرد حلم إلى واقع لا يشبه بالتأكيد تفسيرات تجَّار الرؤى والتأويلات. «سعديه مفرِّح» الشابة الكويتية، التي لن أنعتها بأية صفة أكاديمية أو أدبية خروجاً من مأزق «الشهرة»، سعدية التي عرَّفت عن نفسها عبر أمنية نبيلة، دفعتني للالتصاق بروحها الشفافة التي تنبثق منها أجمل الكلمات وأكثرها تعبيراً، فكان جلَّ أمنياتها، هي أن تصلي في المسجد الأقصى! لتتحول إلى سوسنة بيضاء، تُخرج كل يوم وجهها الصغير من بين فتحات الشبك الأسود، لتقول للقدس: «صباح الخير، ثم تبتسم..» سعدية التي احتضرت بين يديها قصائد الوجع العربي، وهي تتوسل الموت بألاَّ يكون الزائر الأول لها، هي نفسها سعدية التي هوت هنا بين سطوري، فاحتضنتها ذراعي خشية أن ينكسر طيفها فتُبصرني، وأنا أكتب عنها! سعديتي الجميلة، اسمحي لي بأن أزف لك هذه البشرى: ستصغي السماء لصلواتك، سيوقظك الملاك، ويطرق عصفور زجاج نافذتك اليابسة، ويدلف أذان الأقصى كشال من حرير، ستخرجين مع أطفال الشهداء، تبحثين في شوارع القدس القديمة عن بخور مريم العذراء وشموع النذور، ستبحثين عن رائحة آبائهم في أوراق الزعتر والميرامية وعطر النعناع، وستعودين حتماً محملة بالهدايا التي يحبونها. ستخلعين نعليك كما يخلعها موسى في وادي الله، ليُوقد لك سراج زيته من شجرة الزيتون، وضوؤه من نوره القدُّوس، ستبتسمين حقاً، وستبكين دمعتين خبأتهما لتلك اللحظة، ستطيلين الوقوف، وكأنك تنتظرين رسالة عاشق من ألف عام، ستطيلين الركوع كظمآنة منحنية على ينبوع، وستطلين السجود وتذكريني معك! افتحي شفتيك واصرخي واستغيثي من جور الأيام، التي حرمتنا لذة الصلاة في الأقصى، بشكل عشوائي ستكتبين قصيدة بطول السنبلة، وبعرض حلمك الثابت على حافة الأمس! وستكتبين للعالم الصامت، بأنك وعدِّت نفسك بجنة الدنيا فظفرتي بها. سعديتي الجميلة، أعرف بأنك لم تحلم بامتلاك زهرة، وبأنك كنت على عجل من فرحٍ تأخر طويلاً، ولأنك تقصدين علوَّ الأمنيات، فإنه على عجلٍ سيزهر في يديك وبين ناظريك ما كنتِ تحلمين به، استدراك لا بد منه: وأنا أحلم مثلك يا حبيبتي!

مشاركة :