إن صدقت الكتابات والتحقيقات الصحفية فقد اكتشفوا في أمريكا عام 1976قطعة غيار مزيفة تزييفاً محترفاً وجيداً لأداة كانت سوف تستعمل في اختبار احدى سفن الفضاء واكتُشفت أيضاً قطع غيار مزيفة في أحد عقود صيانة أنظمة إطلاق صواريخ (لانس). وأقول بملء فمي إننا مهما حرصنا على سلامة أسواقنا، سنجد أكثر في أسواقنا؟ والصعب في الأمر أن قطعة مزيفة قد تكون أحد مسببات انزلاق حافلة تحمل ركاباً، لأن الموضوع عندنا ينتهي عند نقل المصابين إلى المشافي، ولا أذكر أن لياقة وأمان قطع غيار المركبة جاءت سيرتها في أذهان المحققين (نترحم على الموتى ونسأل الله الشفاء العاجل للمصابين). أما فحص العلل والخداع والغش المتسبب في الحادث فهذا لا نعرفه. إذا كان فكر المواطن هشاً استهلاكياً، ومشكوكاً في خبراته الثقافية والاجتماعية. ولم يبن شخصيته الاقتصادية بعد فهو هنا مهيأ لهيمنة البضائع والادوات وقطع الغيار المقلدة وعديمة الفائدة والتي ما أن يفكر في البدء في استعمالها للغرض الذي اشتراها من أجله حتى يكتشف أن ما اشتراه لم يكن إلا خدعة أو ألعوبة من إنتاج منظمات دولية هدفها الإثراء. وإذا لم يكن المستهلك واعياً ثقافياً واستهلاكياً فإنه سيكون مستعداً للانسياق وراء تلك البضائع رغم أنها لا تسد حاجته ولا تفي بغرضه وبنفس الوقت تذهب مدخراته إلى جيوب زعماء قرصنة التقليد.. والملاحظ عندنا في أسواق الخليج أنه يصعب كسب المواطن إلى جانب أي عمل إرشادي تقوم به أجهزة الرقابة أو أجهزة التوعية الإعلامية، فالمواطن لا يقبل الإعلانات القائلة إن شراءه قطع غيار مقلدة لفرملة سيارته أو لعجلة القيادة قد يكون ثمنه حياته أو حياة مرافقيه أو حياة مستعمل الطريق، لا يقبل تلك الإعلانات لأن في ذهنه شيئاً آخر وهو التوفير النقدي لأن القطع المقلدة أرخص بكثير من القطع الأصلية. تربية المواطن استهلاكياً أمام هذا الطوفان الجارف لابد أن تنبت في البيت والمدرسة ووسائل الإعلام والهيئات الاستهلاكية والغرف التجارية.. لو كان الأمر يتعلق بروائح عطرية وساعات وأقلام وأحذية لهان الأمر وأمكن تقبله أو تركه لذوق المستهلك وحكمه ولكن الموضوع تعدى ذلك إلى قطع غيار فرامل السيارات والرافعات الهوائية وقواطع التيار الكهربائي. بودي لو صممنا بطاقة توضع أمام كل أداة مُقلدة في ديارنا، في معرض تعريفي تقيمه الجمارك كل سنة. وتحمل اسم من حاول تسويقها. أقول هذا ما دمنا عاجزين عن مكافحة البضائع المقلدة، أو يكون هذا المعرض جناحاً دائماً يرافق كل معرض للصناعات الوطنية أو الأجنبية التي تقام في المملكة بين حين وآخر. رؤوس مفكرة في وزارة التجارة والغرف التجارية إلى جانب الوكلاء المعتمدين حتماً ستخرج باقتراح أوأكثر للقضاء على هذه الظاهرة التي جعلت من أسواقنا مَكبّا. يجرّون الذيول على المخازي وقد ملئت من الغشّ الجيوبُ لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :