في بلادنا تعوّد الناس على أن تقوم الحكومة بكل شيء بما في ذلك التعليم وإعداد مجامع البحوث. والمفارقة الواضحة أن التعليم (مثلا) بدأ أهلياً، وكان الفضل لمدارس الكتاتيب التي لم يكن للدولة فيها دخل آنذاك. ثم، تدريجيا تحول التعليم إلى إشراف حكومي مئة بالمئة. ونراه بدأ الآن بالعودة إلى أصله (أهلي). ولا أحد قال لنا كيف حدث هذا ولماذا. هل من خلل؟ أخشى أن يتناسب عدد الجامعات الجاري إقامتها مع مجمل البحوث تناسبا عكسيّا. أي نُكثر من الجامعات لتأتي بخريجين دون بحوث. وعندما أتحدث عن البحوث، فالأمانة البحثية تتطلب من الباحث أن يجربها بنفسه ويتوصل إلى نتائج، لا أن ينقل نتائج واحصائيات توصّل إليها غيره ويعتبرها بحثاً. فعندما يريد الباحث أن يتوصل الى حقائق بيولوجية أو غذائية أو طبية فليس من الأمانة أن يأخذ نتائج او حقائق توصلت اليها المستشفيات في منطقة من مناطق المملكة ليدرجها في بحثه العلمي لأنه لم يتوصل إليها نتيجة (بحث) وإنما نتيجة (جمع) احصائي يستطيع غيره ان يجمعه بكل سهولة. أم أن القضية أصبحت فقط (تذليل عقبات) من أجل الترقية؟ ألا يرى غيري أن عملية فصل الترقية العلمية عن الترقية المادية وإعطاء الباحث الجدي حقه من الترقية والتشجيع حتى لو لم يكمل المدة النظامية هي الأفضل.؟ ثم إنني لم اسمع عن نظام المجموعات العلمية أو ال GROUPS هذا النظام الذي عايشته أميركا وأوروبا وثبت جدواه، ولا إخال جامعاتنا تجهله. فبدلا من أن تنجز البحوث على أسس فردية متباعدة الأهداف والأغراض يمكن إجراؤها على أساس فرق العمل التي تعتمد على مبدأ التعاون المشترك، ويكون البحث موحدا ونابعا من الحاجة. اتساع العلوم والمعارف وتناميها السريع قد يكون أكبر بكثير من إلمام أقسام الكليات الناشئة، ومتى ما طبق نظام الفرق العلمية فقد يكون ذلك فرصة للنابغين والمتحمسين للبحث العلمي من الدكاترة بدلا من ابتعادهم تدريجيا عما حصلوا عليه من علوم. أقرأ أخباراً عن جامعات في الغرب تستقطب المؤسسات الأهلية في تدعيم أو تمويل بحث معين في صالح عام او في صالح الحقل الذي تعمل تلك المؤسسة في ميدانه. فتقوم المؤسسة بتبني ذلك البحث SPONSORSHIP. وتحدده. وما اكثر المؤسسات بل والشخصيات الفردية التي تتسابق لتمويل هذا البحث أو ذاك، ولا أسمع عن ذلك النهج في بلادنا. أنشأت الدولة الجامعات لعقول تنتج لفكر وعلم وتسير على منهج عقلي. وما نملكه من ثروة وتاريخ وتراث يجب أن نحسن استعماله وإلا فإن قدرتنا حتى على البقاء ستكون قاصرة. لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :