باحث أميركي: قطر تستغل قضية خاشقجي لاستهداف تحالف "الرياض - واشنطن"

  • 12/26/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أكد باحث أميركي بارز أن النظام القطري سعى بمساعدة حلفائه الإقليميين وعملائه على الساحة السياسية والإعلامية في الولايات المتحدة، لاستغلال واقعة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي قبل نحو ثلاثة أشهر لاستهداف التحالف السعودي الأميركي، خاصةً بعدما بدأ في العودة إلى سابق عهده في عهد الرئيس دونالد ترامب، الذي يعمل على تصحيح الأخطاء التي ارتكبها سلفه باراك أوباما على صعيد السياسة الخارجية لواشنطن. وفي مقالٍ شديد اللهجة نشره الموقع الإلكتروني لمركز «مجموعة الدراسات الأمنية» للأبحاث ذي التوجهات المحافظة في أميركا، شدد الباحث والمحلل السياسي الأميركي دافيد ريبوي على أن من أحنقتهم توجهات ترامب في هذا الصدد يعملون على «الانتقام» من السعودية عبر استغلال الجدل الذي أُثير عقب اختفاء خاشقجي، ومن ثم وفاته، مشيراً إلى أن من بين هؤلاء «صحفيين وساسة وباحثين وجدوا أنفسهم وقد وقفوا في صف عملية قطرية معقدة» ترمي للإضرار بالعلاقات الآخذة في التنامي من جديد بين الرياض وواشنطن. وفي مقاله الذي حمل عنوان «خاشقجي الذي كان ذخيرةً لقطر في حياته ومماته»، قال ريبوي، إن الصحفي الراحل «لم يتحول بموته إلى جبهةٍ كبرى في الحرب التي تشنها قطر ضد جيرانها في الخليج فحسب، وإنما كان يشكل في حياته رصيدا وذخيرة للدوحة في هذه الحرب أيضاً». وأشار إلى أنه تم توظيف اللغط الناجم عن مقتل الصحفي السعودي لخدمة «المصالح الرئيسة لكل من قطر وتركيا، من أجل السعي لتقويض استقرار المملكة العربية السعودية». وأوضح أن «العمليات المعلوماتية التي شنتها (الدوحة وأنقرة ضد الرياض) كانت ترمي إلى تصوير خاشقجي كشهيدٍ بطلٍ للحرية والصحافة المستقلة». وقال في هذا الصدد، إن تركيا «التي يتنامى تحالفها مع قطر وإيران» في الفترة الحالية، استغلت الصمت الذي ساد في الساعات الأولى لاختفاء خاشقجي لنشر ما تريده في هذا الشأن من أنباء غير موثقة في صورة تسريباتٍ، تحاول الإضرار بالمملكة العربية السعودية. كما شاركت في الحملة «وعلى نحو لا يثير الدهشة» شبكة الجزيرة المملوكة للدوحة التي بثت كذلك «قصصاً إخبارية غير موثقةٍ بدورها وفضائحيةٍ» منسوبةٍ إلى مسؤولين أتراك و«مسؤولين عرب غير محددي الهوية» قد يكونون قطريين في نهاية المطاف. وأكد الكاتب أن خاشقجي لم يكن من الأصل صحفياً بل «ناشطاً سياسياً» بُذِلَتْ جهودٌ لتصويره على أنه «صحفيٌ وشهيدٌ للحرية» عبر حربٍ معلوماتيةٍ كانت الولايات المتحدة الساحة الرئيسية لها، واستهدفت مجموعةً متنوعةً من فئات المتلقين، شملت معلقين سياسيين وشخصياتٍ إعلاميةً وساسةً، جرى السعي لـ «دفعهم لاتخاذ خطواتٍ بناءً على توجهاتٍ ومعلوماتٍ أقحمتها الحملة (التي تقف قطر وراءها) في ثنايا النقاش» الذي دار على الساحة الأميركية حول ما بات يُعرف بـ «واقعة القنصلية». وأوضح أن تلك الحملة المضللة بدأت فور انتشار خبر وفاة خاشقجي وشهدت إغداقاً للثناء عليه «من جانب كل وسائل الإعلام تقريباً.. وانخراطاً في حملةٍ لتحويله إلى شهيدٍ للقيم الديمقراطية والحرية وحرية التعبير»، قائلاً إن صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية - التي كان الصحفي الراحل يتعاون معها - كانت أكثر وسائل الإعلام التي شاركت بضراوة في هذه الحملة إلى حدٍ جعلها - وبشكلٍ غير رسميٍ - أحد أبرز معاقل اللوبي المناوئ لخصوم قطر الإقليميين في العاصمة الأميركية. ولفت ريبوي الانتباه إلى أن «واشنطن بوست» نفسها كشفت - بوجهٍ عامٍ - وعلى نحوٍ صادمٍ مؤخراً، أن «كل هذه الشائعات صحيحة. فنحن نعلم الآن أن جمال خاشقجي لم يكن صحفياً بأي شكلٍ من الأشكال، أو على الأقل ليس بالمعنى المعتاد لمثل هذه الكلمة». وأوضح أن الصحفي السعودي الراحل لم يكن سوى «ناشطٍ منحازٍ لأفكاره لأقصى حد، وعَمِلَ مع مشغليه لنشر مضامين دعائيةٍ بناء على طلبٍ من إمارة قطر (وهو ما يجعله) بعبارةٍ أخرى عميلاً لنشر النفوذ» القطري. واعتبر الباحث الأميركي المرموق أن ما نشرته «واشنطن بوست» مؤخراً من تقريرٍ إخباريٍ صادمٍ في ذلك الشأن كان محاولةً لصياغة «المعلومات المتفجرة التي كُشِفَ عنها النقاب (بشأن ماضي خاشقجي وعلاقاته مع قطر) على نحوٍ أقل إضراراً» بسمعته وبمصالح الدوحة في الوقت نفسه، وذلك بعدما تواتر من «شائعاتٍ في الأوساط الأميركية، حول محتويات الرسائل النصية لخاشقجي، وكذلك ما هو محتملٌ من وجود أدلةٍ على تحويلاتٍ.. (ماليةٍ) قادمةٍ من قطر، وُجِدَتْ في مسكنيْه في تركيا وفيرجينيا». وأشار إلى أن ما نشرته الصحيفة الأميركية فضح في الوقت نفسه حقيقة وجود رسائل نصيةٍ بينه وبين ماغي ميتشل سالم المسؤولة في «مؤسسة قطر الدولية»، وأن هذه الرسائل تُظهر أن تلك السيدة شكّلت مضامين الأعمدة التي قدمها خاشقجي إلى «واشنطن بوست»، واقترحت عليه موضوعاتٍ وصاغت موادَ وحضته على اتخاذ موقفٍ أكثر تشدداً من الحكومة السعودية. وأبرز الكاتب أهمية ما فضحته الصحيفة الأميركية في تقريرها الأخير في ضوء أنه يكشف عن غير قصد «السياق المهم المتعلق بالعلاقات التي رسخ جذورها خاشقجي مع الإسلاميين والشخصيات المنتمية لجماعة الإخوان (الإرهابية) خاصة في السنوات الأخيرة، وكذلك الأسباب التي تجعل صلاته تلك مهمةً للعمل الذي كان يؤديه بالنيابة عن قطر». وأشار ريبوي إلى أن تقرير «واشنطن بوست» مهمٌ كذلك لأن «الحملة التي استهدفت الاحتفاء بخاشقجي، وتدمير العلاقات السعودية الأميركية كانت مبنيةً على خرافة أنه.. كان مجرد صحفي. ولكن معرفة الحقيقة عنه وتوضيح.. علاقاته بالمسؤولين عن الحروب المعلوماتية القطرية ستربك هذه السردية على نحوٍ هائل»، وتوضيح أنه كان أشبه بجاسوس. ولفت الكاتب الانتباه إلى أن «مجموعة الدراسات الأمنية» التي يعمل بها كانت أسبق إلى إدراك محاولات خلق صورةٍ زائفةٍ للصحفي السعودي الراحل، ونشرت في هذا السياق مجموعةً من الدراسات والمقالات التي تناولت خلفية هذا الرجل، والصلات التي كانت تربط بينه وبين الجماعات المتشددة والإرهابية وتعاطفه مع أفكار هذه التنظيمات، وهو ما حاولت الـ «واشنطن بوست» تخفيف أثره عبر الزعم أنه ناجم عن حملةٍ يشنها «أصحاب توجهاتٍ محافظةٍ يدافعون عن الرئيس ترامب». وشدد ريبوي على أن الجهد الذي بذله مركزه للدراسات أجبر معهد بروكينجز الممول من قطر على إصدار ورقة بحثية في التاسع عشر من أكتوبر الماضي، يقر فيها «على كرهٍ منه» بعضوية خاشقجي في جماعة «الإخوان»، ودعمه بعد ذلك لهذه الجماعة الإرهابية. وفي مؤشرٍ على الفشل الذي مُنيت به الحملة الدعائية القطرية في هذا الصدد، أشار المقال إلى أن أعضاءً جمهوريين في مجلس النواب الأميركي بدأوا خلال الأيام الأخيرة تبادل مقالاتٍ تثير شبهاتٍ حقيقيةً حول شخصية خاشقجي، وتبرز ارتباطه بجماعة «الإخوان» الإرهابية، وعمله قبل عقود مراسلاً صحفياً يغطي أنشطة ابن لادن في أفغانستان. وكشف دافيد ريبوي عن أن المتعاونين مع قطر في حملتها المغرضة في الولايات المتحدة للنيل من التحالف السعودي الأميركي هم أولئك الذين أزعجهم التحول الذي قاده ترامب في السياسة الخارجية للدولة الأكبر في العالم، عندما أعاد فور توليه الحكم تأكيد التحالفات التقليدية لبلاده في منطقة الشرق الأوسط مع دولةٍ مثل السعودية ونأى بنفسه عما قام به أوباما من منحٍ للأولوية «على مدى السنوات الثماني السابقة لذلك للخصوم الإقليميين لحلفاء واشنطن مثل قطر وإيران وتركيا، ودعم إدارته (أوباما) لجماعاتٍ متشددة، وبالأساس جماعة الإخوان التي تسعى لقلب العديد من أنظمة الحكم في الشرق الأوسط». وأشار ريبوي إلى أن هذه المجموعة الموتورة من الباحثين والسياسيين والصحفيين سعت لاستهداف السعودية وشن حربٍ معلوماتيةٍ مضللةٍ عليها، وإطلاق «حملةٍ عدائيةٍ لا هوادة فيها» ضدها في وسائل الإعلام الأميركية. وقال، إن التحيزات السياسية التي يتبناها أولئك الأشخاص، وكذلك إغراء الأموال القطرية التي تدفقت في أروقة صنع القرار في واشنطن وجماعات الضغط المؤثرة فيها، جعلت «النخبة الأميركية وصناع القرار في البلاد فريسةً طيعة للتأثير القطري» وحرب المعلومات التي تم شنها في هذا الإطار بإيعاز من الدوحة وحلفائها.

مشاركة :