أحترم بشدة أساتذة القانون بل ومجال القانون برمته، وأدعي أن لي اهتماماً شخصياً بهذا المجال وقدرة متواضعة على فهمه وهضمه جاءت عبر سنوات من العمل الجامعي والنقابي والإداري، مما يجعلني مهتماً بشدة مع أي أطروحات قانونية ذات وجاهة، كما أدعي قدرتي على امتلاك القدرة التي تؤهلني لمعرفة أين يتحدث أحدهم في القانون كعلم، بينما قد يستخدم البعض الآخر تخصصهم في القانون لخدمة توجهات سياسية معينة.ولن أفاخر كثيراً بقدرتي على القراءة القانونية السليمة، لأنني كغيري قد أخطئ، ولكن استضافتي للندوة الوحيدة التي عقدت بخصوص طعن السيد أسامة الخشرم عن طريق محاميه الدكتور نواف الياسين في دستورية المادة 16 من اللائحة الداخلية، وهو الطعن الذي قضت فيه المحكمة الدستورية بعدم دستورية تلك المادة، هو أحد ما استخدمه للتدليل على قدرة العبد لله البسيطة على التمييز بين الغث والسمين، مما يطرح في الساحة السياسية، وخصوصاً من بعض السادة القانونيين.أقول هذا وأنا أتابع الجدل والـ«الحنق» الشديد الذي يعتري بعض أعضاء مجلس الأمة من قيام المحكمة الدستورية بالحكم بعدم دستورية تلك المادة، والتي يبدو أنها عزيزة على قلوب بعض السياسيين بشدة، حيث شهدنا نقداً للقضاء لم نشهد له مثيلاً من قبل، وأنا وإن كنت لا أنزه مؤسسة القضاء عن النقد وخصوصاً في ما يتعلق برأينا في بعض الأحكام الصادرة منها، والتي قد نختلف معها بالتأكيد، إلا أنني لا أستطيع هضم كل هذا الاندفاع في الهجوم على القضاء من قبل البعض بعد حكم الدستورية، والذي بموجبه أصبحت عضوية النائبين الطبطبائي والحربش ساقطتين قانوناً!شرّق وغرّب بعض القانونيين وخصوصاً من ذوي التوجهات أو المواقع السياسية في التعامل مع هذا الحكم، والكثير منهم كان يشيد بالأحكام القضائية التي تصدر لصالحهم أو ضد خصومهم، مما يطرح أسئلة منطقية حول مصداقية تعامل أؤلئك السياسيين مع مؤسسة القضاء كمؤسسة مرجعية ضامنة للسلم المجتمعي والأهلي في أي وطن!أما أحد أخطر ما سمعته في اليومين الماضيين فهو المطالبة السياسية بإصدار التشريعات القاضية بمخاصمة القضاء في ما يشبه رد الفعل على حكم الدستورية، وأنا وإن كنت من مناصري إصدار القوانين المعروفة اصطلاحاً بقوانين مخاصمة القضاء، ومع تقديري لمؤسسة القضاء واختلاف رؤيتي مع بعض أحكامه - التي لا أملك إلا احترامها والتعامل معها ضمن الأطر المقبولة - إلا أنه من الخطورة بمكان أن يحاول البعض ابتزاز المؤسسة القضائية بهذه الطريقة الفجة، والتي كانت على وزن...«ما حكمتو لصالحنا ؟ طيب... نراويكم»!إن ما يحدث يسقط أوراق التوت الأخيرة التي تغطي عورات بعض الأخوة السياسيين ذوي الخلفيات القانونية، مما يؤكد مخاوفنا المنطقية من سيطرة هؤلاء على القرار السياسي في البلاد، فإذا كانوا «الجماعة» مو رادين على القضاء... سيقفون عند أي حد؟!والله من وراء القصد.alkhadhari@gmail.comTwitter: @dralkhadhari
مشاركة :