ثم ماذا؟ - نجوى هاشم

  • 2/5/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تتشكل الحياة أحياناً بالخروج عن المعتاد ليس لأن الشخص أرادها كذلك ولكن لأن وتيرتها فيما يخصه هو أحكمت سيطرتها بهذه الصورة..! في المعتاد يستيقظ الناس صباحاً وما بين ساعة استعداد قبل الخروج إلى العمل أو الدراسة.. ومن ثم حرب الطريق في السيارة والزحام الذي يكسر أي هدنة مؤقتة قررت أن تأخذها في أحد الأيام لعدم الاشتباك مع العابرين بسيارتهم.. في الغالب أنت لا تحسب مسافة الطريق أو ما قد يترتب تحت أي ظرف في الطريق بالصدفة من حوادث أو توقف أو زحام غير طبيعي ولذلك يظل هذا الجزء من النهار والمبكر هو الأكثر توتراً وبالذات لمن يغادرون منازلهم متأخرين ولديهم التزامات بتوصيل آخرين قبل الوصول إلى العمل..! في الدول المتقدمة التي تستخدم القطارات والمترو.. يستفيض الوقت أثناء الطريق وتلامس هدوءه من خلال القراءة والتأمل لجمال الطريق وللعابرين وهم يتحركون بانسيابية ومتعة وفرح.. أو التفكير الهادئ الذي لا يستبيحه أحدهم بالتداخل معك في الكلام دون أن يعرفك أو تكون مستعداً لنقاش لست جزءاً منه..! ما بين تفاصيل الاستيقاظ والطريق تمضي ساعتان او ثلاث.. يعقبها ساعات العمل.. التي يتقوض النهار معها.. وقد تشعر أنك لم تنجز شيئاً أو من هو مسؤول عنك يشعرك بعدم تحقيق المطلوب.. ست ساعات أخرى ذهبت.. وبعدها تبدأ رحلة العودة إلى المنزل.. ربما بصورة أكثر توتراً من الصباح.. ولحظات تتحكم فيها ملابسات الساعات الماضية.. وحرارة الظهيرة القاسية.. التي ترفع وتيرة الجنون وأن تكون مهيئاً لكل شيء دون سابق إنذار.. تتحمد الله وتشكره إن وصلت إلى المنزل دون إصابات أو خناقات.. وتتحمده ثانية على الصبر والروية والتحمل..!! تتناول غداءك في اعتياد على التوقيت.. ورغبة في نوم القيلولة.. ربما لساعات وربما لوقت قصير.. وقد يختلف البعض عن الآخر في اعتياد نوعية طعام متكررة كل يوم أو التنويع والملل من التكرار.. في نفس الدائرة المغلقة.. والمكررة وبعد أن تصلي المغرب ستنطلق كالعادة إما إلى ما هو مطلوب منك.. كزيارة عائلية أو زيارة مريض أو تسوق مع العائلة.. أو لمن أدمن نفس ما اعتاده من الذهاب إلى الأصدقاء.. والسهر ككل ليلة.. بنفس الوتيرة.. وبنفس الحكايات والمشاهدة.. وأيضاً نفس الوجوه.. ثم ماذا العودة إلى المنزل.. وإغلاق الدائرة.. لإعادة فتحها من جديد غداً.. هل تعبت؟ أم أتعبت من حولك؟ أم أن الأمر معتاد بكل تفاصيله؟ هل تشعر بالملل؟ أم أنك تخاف من كسر الروتين وتحبذ أن تكون البوصلة في نفس الاتجاه؟ وهل تستطيع أن تقرر تغيير النمط ومشاهدة هذا التنظيم مختلفاً بصورة أو بأخرى..؟ نسكن في الزمن ويسكننا.. يتحكم فينا ولكن نحن من ننطق بأحكامه ونحن من نتعسف فيها وفقاً لدفتر شروطنا.. وهو يكتفي بعقد محكمته.. ونحن القضاة.. ولكن لماذا لا يستطيع الإنسان الالتفات أحياناً ويترك نفسه لعملية استعباد يومية مكررة هو يختارها بأمانة ويقرر مشاهدتها أيضاً رغم أن الحياة تسبح في بدهياتها وجمالياتها وصورها المتعددة.. ورغم أننا نسلم نفسنا للزمن برؤيته الشخصية إلا أنه قد تأتي لحظة فاصلة.. يسود فيها الصمت وتتغير الألوان وتبقى غارقاً فيما لم تخطط له.. أو تتوقعه.. يكسر لك ما تعودت.. ويتجاوز ذلك النهار القاسي.. وزحام الصباح ونوم القيلولة وحكايات الأصدقاء المكررة.. ثم ماذا؟؟ تبدأ في الدخول بدوامة جديدة ومختلفة تنبت بهدوء وتستسلم أنت لها دون انتظار لموسم حصاد.. أو معرفة للخريطة.. او البحث عن البوصلة.. ولكن تندمج في الاختلاف وكأنه بأسراره المغلقة التي يبوح بها كل يوم..! ثم ماذا؟؟ لا شيء.. فقط لأحب أن أكرر نفسي فيما أكتبه.. أو أعيشه أو أرويه..!!

مشاركة :