بعد مرور خمسين عامًا على دراستي العلمية للورقة النباتية، شاهدت إحدى الورقات وقد غطيت ببعض الأتربة جراء بناء إحدى المباني المجاورة، شاهدت الأتربة على السطح العلوي للورقة النباتية، فكرت قليلاً ثم قلت بأعلى صوتي سبحان الله كل يوم أتعلم شيئا جديدا حيث إنني أعلم أن ثغور الورقة تقع على السطح السفلي للورقة لحماية تلك الفتحات (الثغور) من الأشعة المباشرة للشمس حماية للرطوبة الداخلية للورقة، واليوم تعلمت أن هذه الثغور أيضًا محمية من تساقط الأتربة المضرة على الثغور وسهولة دخولها إلى داخل الورقة وتعذر غسلها بما يضر بالورقة كل يوم أتأكد أن الخالق عليم خبير لطيف مقدر سبحانه (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) (طه 50). جلست سريعًا لأكتب عن الرحمة.. عن الرحمة الإلهية في الورقة النباتية، فالورقة في الغالب هي زائدة محمولة على الفروع والساق للقيام بعملية البناء الضوئي وتكوين الغذاء للكائنات الحية غير ذاتية التغذية، أي غير القادرة على تكوين غذائها من الخامات الأولية (ثاني أكسيد الكربون، والماء، والضوء). - وهي عادة معنقة أي لها عنق يحملها في الهواء بعيدًا عن الساق والفروع وهذا يهيئ لها وضعًا أمثل للقيام بوظائفها الحيوية، وهي في الغالب مفلطحة لكي يقع عليها أكبر كمية من الضوء المهم والأساس في عملية البناء الضوئي، وهذا العنق يهيئ لها وضع زاوية على الفروع بما لا يتعارض مع باقي الأوراق على نفس المكان، وهي خضراء عادة تحتوي اليخضور أو الخَضِرْ أي (الكلوروفيل) المركب الأساسي في عملية البناء الضوئي، وبها الثغور التي تساعد على عملية تبادل الغازات بين الخلايا الداخلية في الورقة والوسط الخارجي، وهذه الثغور كما قلنا سابقا تتركز على السطح السفلي للورقة لحمايتها من العوامل الخارجية المضرة بالورقة. - ولكل ورقة نباتية شخصية مستقلة من حيث الشكل العام والحافة والقمة والقاعدة والوضع على الساق بحيث يسهل دراستها وتعرفها وتحديد نوع النبات فمنها الأوراق بيضية الشكل أو رمحية الشكل، والقلبي والكلوي والمزراقي والسمهمي وغير ذلك، وحافة الورقة إما كاملة غير مسننة أو مسننة أو شوكية أو مقروضة أو مموجة، وهذه الأشكال الورقية يتأكد فيها طلاقة القدرة الإلهية والتنوع الحيوي المبدع، فالله تعالى لا يخلق أجناسًا وأنواعًا مكرورة كما قلنا فلكل ورقة شخصية مستقلة، وفي الورقة نظام تعرق معجز وعجيب بحيث تصل المياه خلال هذا التعرق إلى كل خلية من آلاف الخلايا في الورقة، وتحمل هذه التعرقات الأنبوبية الغذاء المنتج في الورقة إلى كل خلية في النبات وإلى أماكن تخزين الغذاء، وبعض الأوراق بسيطة تتكون من نصل واحد وبعضها مركبة تتكون من نصلين أو أكثر كل نصل منها يكون وريقة، وفي هذا التركيب إبداع وتنوع معجز وعجيب. - وهذه الورقة قد تتحور إلى وريقات زهرية منها الأخضر (الكأس) والملون (التويج) ومنها الخصب (كالأسدية المذكرة والمتاع المؤنث)، والأسدية تعطي حبوب اللقاح المذكرة، والمتاع يحتوي البويضات المؤنثة، كما تتحور الورقة إلى ورقة فلقية (مثل فلقات بعض النباتات كالخروع) ومنها الأوراق الاغريضية التي تعطي وعاء الطلع وبعضها يعطي الوريقات الملونة الجميلة مثل وريقات نبات الجهنمية القنابية متباينة الألوان والجميلة للغاية، ودراسة الشكل الظاهري للأوراق النباتية مهم في بيان قدرة الله تعالى وإبداعه في خلقه ومقدرته على خلق مخلوقات غاية في الإتقان والإبداع. - والورقة من الخارج مغطاة ومكسوة بطبقة شمعية رقيقة للغاية للحفاظ على مكونات الورقة من دخول المواد المضرة والحفاظ على رطوبة الورقة من الجفاف، وهذا ما نقوم به حاليا في تغليف المأكولات بالأوراق الرقيقة حفاظا على نسبة الرطوبة فيها، وفي داخل الطبقة الشمعية توجد طبقة من الخلايا برميلية الشكل تحيط بالورقة من السطح العلوي والسطح السفلي وفي الداخل توجد طبقة أو طبقتان من الخلايا العمادية المتعامدة على الطبقات البرميلية والداخلية، وهذه الطبقة تحتوي مصانع تثبيت الطاقة في الورقة والمسماة بالبلاستيدات الخضراء وهي ذات تركيب معجز ومعقد ومحكم للغاية، وهذه البلاستيدات هي التي تنتج الغذاء على الأرض من الخامات الأولية كما قلنا سابقًا، لذلك فهي التي أنتجت كل سكريات العالم، وكل دهن العالم، وكل بروتين العالم وهي التي يأكلها الحيوان ليعطي الدهن والبروتين وكل المنتجات الحيوانية، وإذا هلكت البلاستيدات الخضراء بالورقة هلكت كل الكائنات الحية الأرضية، فكل ورقة نباتية عبارة عن مجمع صناعي معجز لإنتاج الغذاء، والأكسجين وتثبيت الطاقة الشمسية في المركبات الغذائية، هذا المجمع الضخم يحتوي عنابر صناعية متعددة هي البلاستيدات الخضراء والورقة النباتية تؤكد بتركيبها المحكم والدقيق، وبوظائفها المحكمة والدقيقة أنها خلقت لغاية مقدرة وبحكمة بالغة وبتقدير إلهي معجز، فهي تؤكد أنه لا عشوائية في خلقها، ولا مصادفة في وجودها ولا فوضى في وظيفتها إنها تتحدى الملحدين والمنكرين لوجود الخالق العليم اللطيف الخبير القادر. - إن دراسة الورقة النباتية بطريقة علمية إيمانية من قبل المعلمين والمعلمات لأبنائنا في التعليم العام بهذه الطريقة وهذا الأسلوب والتحليل والتفكير يبني العقيدة على أساس علمي مادي تجريبي، وبذلك نحصن أجيالنا من التدليس الإلحادي، ومن الجهل بقدرة الله في الخلق ومن المناحي العَلمانية المنكرة لوجود الله سبحانه وتعالى وفي النهاية نقول (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين) لقمان (11).
مشاركة :