الجزائر - تعد نظرية المؤامرة واحدة من أبرز أدوات النظام الجزائري الصالحة لكل القضايا والملفات التي تؤرقه، ولعل ملف الهجرة غير الشرعية أهمها. كشفت تقارير محلية صدرت في مواقع إخبارية محلية، عن ضبط وحدات الجيش المرابطة على الشريط الحدودي الجنوبي، لأفراد عرب من جنسيات سورية ويمينة، يحملون جوازات سفر سودانية مزورة، يحاولون التسلل إلى داخل التراب الجزائري، في إطار مخطط يستهدف ضرب الاستقرار الداخلي. وسبق للسلطات الجزائرية أن رحلت أكثر من 100 مهاجر سري من جنسيات سورية ويمنية وفلسطينية في بحر الأسبوع الماضي، عبر البوابة الحدودية عين قزام بمحافظة تمنراست الجنوبية، ورفضت استقبال هؤلاء على ترابها في ظل الشكوك التي تنتابها حول نية وخلفية هؤلاء في اختيارهم لهذا المسلك من أجل العبور إلى ترابها. وذكر تقرير للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن “مجموعة متكونة من نحو 50 مهاجرا أغلبهم من السوريين المحتجزين في مركز إيواء في مدينة تمنراست، تم ترحيلهم إلى النيجر يومي 25 و26 ديسمبر 2018″. ونددت بما أسمته “عملية الترحيل القسري التي استهدفت أفرادا من طالبي اللجوء قدموا إلى الجزائر بحثا عن الحماية، وأن هذا الإجراء يعد انتهاكا مقصودا لاتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين التي صادقت عليها الجزائر”. لكنها أصدرت في ما بعد بيانا توضيحيا أشارت خلاله إلى أن عملية الترحيل الأخيرة، تمت بالتنسيق مع المصالح القنصلية لدولة النيجر، من أجل القيام بالإجراءات الإدارية اللازمة المتعلقة بالمغادرة، وكان الترحيل بعلم من المفوضية العليا للاجئين ومكتبها في الجزائر. ونقلت عن مصدر تحفظت على كشف هويته أن “السلطات الأمنية والعسكرية في الجزائر لها معلومات استخبارتية، تشير إلى وجود دوائر مشبوهة على المستوى الدولي، تحاول تسهيل تدفق المقاتلين الذين كانوا في سوريا والعراق واليمن، ومحاولة إدخالهم إلى جنوب الجزائر عبر ممرات تركيا أو الأردن ثم يأخذون طريقهم من مصر إلى السودان، ثم إثيوبيا، فتشاد والنيجر، من أجل الاستقرار في الجزائر”. وأكد مدير الهجرة بوزارة الداخلية حسان قاسيمي أن “قرار الحكومة القاضي بعدم السماح للمهاجرين العرب القادمين عبر النيجر ومالي بالدخول إلى الجزائر، مسألة لا رجعة فيها وأنه لا يحق لأحد التلاعب بملف حساس كالهجرة غيرالشرعية والتخفي وراء الطابع الإنساني للظاهرة”. السلطات تتحفظ في كل مرة على كشف الجهات التي تستهدف أمن البلاد، وتكتفي بترديد مصطلحات فضفاضة ولفت إلى أن بلاده استقبلت أكثر من 50 ألف سوري لظروف إنسانية، أفرزتها الأوضاع الصعبة التي يعيشها هذا البلد، لكن عندما يصبح بعض هؤلاء المهاجرين خطرا على استقرار الوطن ويهددون أمنه، فإن الجزائر مطالبة بالتحرك. وأضاف “إن الجزائر باتت اليوم أمام ظاهرة جديدة، تتمثل في تسلل المهاجرين العرب القادمين من سوريا واليمن وفلسطين، بانتحال صفة المهاجرين السريين عبر مسالك تؤطرها جماعات مسلحة”. وفي رده على تقرير الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ذكر أنه “قبل توجيه الاتهامات، من حقنا طرح تساؤل مشروع وهو هل نحن فعلا أمام مسألة وإشكالية لها علاقة بالهجرة أم إرهابيين يتسترون تحت غطاء إنساني لدخول الجزائر”. وتابع “المهاجرون العرب يعبرون عدة عواصم منها مصر، وتركيا والسودان وموريتانيا ومالي والنيجر دون أن يطلبوا اللجوء السياسي، بالرغم من أن الشخص الذي يكون في حالة تهديد يطلب اللجوء السياسي في البلد الأول الذي يصل إليه”. وخلص إلى القول “بالتأكيد هناك جهات مجهولة المصدر تمول هذه الدوائر الإرهابية، والمنظمات غير الحكومية التي تنتقدنا تقوم بمراوغات خطيرة، في حالة المواطنين السوريين، فالمسألة ليست متعلقة بالهجرة وإنما بتهديد للأمن الوطني”. وككل مرة تتحفظ السلطات الجزائرية على كشف هوية الجهات التي تستهدف المساس بأمن البلاد، وتكتفي بتصريحات مسؤوليها بترديد مصطلحات فضفاضة عن مشاريع الاستهداف. وذكر تقرير لموقع “تس.أس.أ” الإخباري أن “الجيش الجزائري يجد نفسه في مواجهة تحد جديد يلوح في الأفق، يتمثل في محاولة اختراق للحدود من طرف إرهابيين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و30 سنة، أغلبهم يحملون الجنسية السورية، بالإضافة إلى بعض العناصر اليمنية”. وأضاف أن هؤلاء “المتسللين ينحدرون من مدينة حلب السورية، وهم مدفوعون من طرف بعض العواصم العربية التي تشجعهم على الانتشار في الجزائر بهدف ضرب استقرارها”. وتابع “إن الإرهابيين السوريين يسلكون طريق النيجر باتجاه الحدود الجزائرية، بعد أن أصبحت النيجر منطقة عبور للمهاجرين السريين نحو الجزائر، وهناك شكوك حول إمكانية قدوم عدد معتبر من المقاتلين على مجموعات صغيرة لعدم لفت الانتباه، وأن اختيار الجزائر ليس صدفة، وإنما يندرج ضمن إعادة بعث مخطط زعزعة استقرار الدول المغاربية تونس والجزائر والمغرب”. واستند المصدر إلى عدة معطيات، منها توقيف سفينة محملة بالأسلحة (45 مليون رصاصة) قبل 15 يوما على السواحل الليبية، وهذه الكمية مثيرة للانتباه قياسا بعدد السكان في ليبيا الذي يقدر بنحو 6 ملايين نسمة، وهو ما يحيل إلى الاستنتاج بأن هذه الكميات من السلاح ليست موجهة إلى ليبيا، وإنما لتسليح المقاتلين القادمين من سوريا ومناطق أخرى، فضلا عن اعتراض الجيش الجزائري في الأسابيع الأخيرة، طريق شحنات كبيرة من الأسلحة الحربية في الحدود الجنوبية.
مشاركة :