الخرطوم ـ اتهم عمار باشري، أمين التعبئة السياسية في حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان، "مخابرات دول" بالعمل على إثارة "الخوف والهلع بين السودانيين" للخروج عن النظام، وشدد على أنه لا تراجع عن الإصلاح الاقتصادي، رغم قسوة إجراءاته وهو ما اعتبره مراقبون تمسكا سودانيا بنظرية المؤامرة للتهرب من مسؤولية النظام عن تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي في البلاد. ومنذ مطلع يناير/ كانون ثان الماضي تشهد العاصمة الخرطوم ومدن سودانية أخرى احتجاجات شعبية، تنديدًا بغلاء المعيشة وسوء الأوضاع الاقتصادية. وقال باشري إن "الإجراءات الاقتصادية كانت قاسية، و أثرت على كل منزل سوداني، لكن لا يوجد خيار سوى الإصلاح الاقتصادي، والمضي بالمشروع حتى نهاياته". وأشار إلى أن السودان "فقد ما يزيد عن 60 بالمائة من إيراداته الكلية، بعد انفصال جنوب السودان (عبر استفتاء شعبي) عام 2011، وخسر 80 بالمائة من نقده الأجنبي". ومنذ الانفصال يعاني السودان من ندرة في النقد الأجنبي؛ لفقدانه ثلاثة أرباع موارده النفطية. وأوضح أن انفصال الجنوب "أحدث ربكة اقتصادية، لكن الحكومة استطاعت وضع المشروع الإسعافي الثلاثي (2011- 2014)، والخطة الخمسية (2014- 2019)، واستطاع المشروع الثلاثي بشكل كبير أن يكبح جماح التخضم، ويخلق كثيرا جدا من التوازن". وشدد على أن مؤسسات مثل "البنك وصندوق النقد الدوليين توقعت انهيارًا كاملًا للدولة السودانية، خلال ستة أشهر بعد انفصال الجنوب، لكن بموجب هذه الإجراءات تفاجأت تلك المؤسسات بأن الدولة ما زالت متماسكة". "مخابرات دول" وفق القيادي بالحزب الحاكم في الخرطوم "يوجد تهويل للأمر (تأثير الإجراءات الاقتصادية) من أجل إحداث ربكة، والكثير جدا من أصابع مخابرات دول (لم يسمها) تزيد من ناره، لخلق حالة من الخوف والهلع بين السودانيين، بما يحقق أهدافهم بالخروج عن النظام". واستدرك "لكن الشعب السوداني ظل واعيا، ولم يستجب لدعوات التظاهر والخروج عن النظام، الذي أـطلقتها قوى سياسية، وقد فشلت هذه المظاهرات". وزاد "لا نقول ذلك تقليلًا من شأن من يرفضون هذه الإجراءات (الاقتصادية)، ولكن نقول من واقع الحال أن المعادل للخروج عن النظام هو الفوضى وعدم الأمن والاستقرار". وقال مراقبون إن تصريحات القيادي السوداني تبين أن الخرطوم لا يملك سوى اللجوء غن نظرية المؤامرة الخارجية للتهرب من مسؤولية النظام عن تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد. وأكد هؤلاء أن سياسة الخرطوم تتمثل في محاولة ترهيب السودانيين من المؤامرات الخارجية لاحتواء الغضب الشعبي العفوي على السياسات الاقتصادية للحكومة. وشدد باشري على أن "السودان دولة مركزية ومهمة بوجودها الجيوسياسي في هذه المنطقة.. استقرارها فرض عين لكثير من القوى الإقليمية، التي ترى أن أي اهتزاز في هذه المنطقة يمكن أن يؤثر على ما حوله". مصر وإريتريا بشأن التوتر، مؤخرا، بين السودان وجارتيه مصر وإرتريا، قال القيادي الحزبي السوداني إن "كل دولة تحدد علاقتها مع الأخرى بتسجيل مزيد من النقاط لصالحها وتعظيم مكاسبها، والنظر في أهدافها وقضاياها الاستراتيجية". وأضاف أن "البعد السياسي والاستراتيجي يقول إن العلاقات مع مصر ودول الجوار الأخرى، مثل إرتريا، يجب أن تكون علاقات لا تشوبها أي شوائب من التوتر، بالعكس يجب أن يكون التعاون والتفاهم هو سيد الموقف". وتابع "لا أقول إن التوترات طويت بالمرة، لكن تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي، هايلي ماريام ديسالين، والرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، في أديس أبابا أكدت على ذلك.. ولكن تظل القضية الاستراتيجية هي ما يحرك كل دولة". واتفق قادة الدول الثلاث، عل هامش قمة الاتحاد الإفريقي، الأسبوع الماضي، على حل الخلافات بين دولهم بالحوار. وتتهم القاهرة الخرطوم بدعم موقف أديس أبابا بشأن سد النهضة الإثيوبي، الذي تخشى مصر أن يؤثر سلبا على تدفق حصتها السنوية، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، من نهر النيل مصدرها الرئيسي للمياه، بينما تقول السودان إنها تراعي مصالحها دون رغبة في الإضرار بمصالح الآخرين.
مشاركة :