يظل الإنسان قاصرًا في علمه متأخرًا في فهمه مهما بدا أنه علم أو فهم أو بلغ الذرى. وكذلك الدول بكل عقولها ومواردها وإمكانياتها تحسب أنها سترث الأرض إلى ما لا نهاية. ومع ذلك ترى منها عجبًا وتسمع من بعض مسؤوليها كلامًا لا تظنه إلاّ خرفًا. والولايات المتحدة مثال واضح صارخ، وهاكم شواهدي: أولاً: مرض الحصبة الذي أوشك على الاختفاء من على وجه البسيطة ظهر خلال أيام قليلة في 15 ولاية أمريكية (حتى الرابع من فبراير) وتجاوز عدد الإصابات 100 حالة معظمها من الأطفال. العجيب ليس هنا، ولكن في رفض كثير من الآباء تطعيم صغارهم حسب المتبع في معظم أرجاء العالم خوفًا على صحتهم، ولذلك فهم عرضة للإصابة بالحصبة لأن لا مناعة لهم ضدها. أما أعجب العجب فهو تصريح أحد استشاريي طب العيون بأنه يعلم عن حالات مؤكدة أصيب فيها بعض الأطفال بمرض التوحد بعد تناولهم جرعة التطعيم ضد الحصبة. وأما غاية العجب فهو أن هذا الطبيب واسمه راند بول إنما هو عضو في مجلس الشيوخ، أي سيناتور (عن ولاية كنتاكي). هل سمعتم عن خرف أشد من هذا من سياسي كبير في منصب رفيع في بلد تُصنف الأولى في العلم والمعرفة! ثانيًا: ألاعيب السياسة الأمريكية التي قد يحسبها بعضنا حنكة ودهاء، وهي في النهاية لا تعدو كونها جهلاً وغباء. وإلا كيف يمكن تفسير تصريح كبار رجال السياسة فيها عن الحوثيين بقولهم: (لم يحن بعد وقت رفض التعامل مع الحوثيين.) هل هذه سياسة متبعة لإرضاء إيران؟ أم لإغاظة المتضررين من سلوك إيران؟ ثالثًا: بعد مقتل الرهينة اليابانية الثانية صرح السيد أوباما بأن ذلك يثبت أن تنظيم الدولة الإسلامية همجي وبربري، وهو كلام قد كرره 100 مرة. وبعد ثبوت حرق الطيار الأردني رحمه الله على يد مجرمي التنظيم، كرر سيادته الجملة نفسها للمرة الواحدة بعد المائة! مشكلة أوباما أنه لم يتذكر مرة واحدة أن سياسته الخرقاء تجاه نظام بشار الأسد ونظام نوري المالكي هي التي أنبتت التنظيم، وربما أنبتت غيره عما قريب. وإنا لمزيد من العجائب لمنتظرون! salem_sahab@hotmail.com