علق السفير البابوي في دمشق الكاردينال ماريو زيناري على الكلمات التي قالها البابا فرنسيس بشأن الأوضاع الراهنة في سورية في خطابه إلى أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي بمناسبة تبادل التهاني بحلول العام الجديد. وقال السفير البابوي إنه خلال الحرب التي تعيشها سوريا منذ حوالي ثماني سنوات دفع المدنيون الثمن الأكبر، لاسيما الأطفال والنساء، داعيا الجماعة الدولية إلى البحث عن حل سياسي لصراع مسلح ينتهي بهزيمة الجميع. وذكّر بكلمات البابا فرنسيس عندما طلب من الجماعة الدولية أن تعطي صوتا لمن لا صوت لهم. ولفت زيناري إلى أنه في اليوم الذي أعلن فيه المتحدث بلسان التحالف الدولي ضد تنظيم داعش العقيد شون راين عن بدء الانسحاب العسكري الأمريكي من الأراضي السورية، لم تنته الحرب الدائرة رحاها في سوريا. وتحدث الدبلوماسي الفاتيكاني عن وجود مناطق في سوريا ما تزال تدور فيها مواجهات مسلحة وبعضها يحمل على القلق الشديد بشأن مصير الصراع السوري خصوصا إذا ما أخذ في عين الاعتبار ما يجري في محافظة إدلب الشمالية الغربية، وذلك في إشارة واضحة إلى التهديدات التركية باستهداف المجموعات المسلحة الكردية في المنطقة. وأكد أنه على الرغم من بعض مؤشرات الأمل في عودة الحياة إلى طبيعتها في بعض المناطق السورية، لا تزال الأوضاع التي يعيش فيها جزء كبير من المدنيين السوريين في غاية الخطورة، خصوصا في وقت أعلنت فيه منظمة "أنقذوا الأطفال" أن الأمطار الغزيرة التي سُجلت في محافظة إدلب تحمل انعكاسات خطيرة على حياة أكثر من أحد عشر ألف طفل يقيمون حاليا في مخيمات النازحين. وعبّر زيناري في هذا السياق عن قلقه البالغ حيال مصير الأشخاص الذين أُرغموا على ترك بلداتهم وقراهم، مشيرا إلى وجود أكثر من اثني عشر مليون مواطن سوري، أي حوالي نصف مجموع عدد السكان، يعيشون خارج بيوتهم. ومن بين هؤلاء حوالي ستة ملايين ونصف مليون مهجر داخل البلاد، ويضاف إليهم حوالي خمسة ملايين ونصف مليون لاجئ آخر وجدوا مأوى لهم في الدول المجاورة، لاسيما لبنان والأردن، وقد عبر البابا فرنسيس عن امتنانه لهذه الدول المجاورة لسورية على الضيافة التي تقدمها لأعداد هائلة من النازحين السوريين. وتابع السفير البابوي في دمشق؛ أنه خلال السنوات الثماني الماضية لم يحظ المواطنون السوريون بالحماية اللازمة، كما تعرّض عدد كبير من المستشفيات للقصف. ولفت إلى أنه بحسب معطيات منظمة الصحة العالمية أُقفلت أربعة وخمسون بالمائة من المستشفيات السورية بشكل كامل أو جزئي. وعبر الكاردينال زيناري عن اعتقاده بأن التوصل إلى حل سياسي للصراع في سورية ليس أمرا سهلًا، لكنه تمنى أن تتوقف أعمال العنف على الأقل. وكان الكاردينال زيناري قد التقى الشهر الفائت بالبابا فرنسيس في الفاتيكان وقال إنه عبر للبابا عن امتنانه على الجهود الحثيثة التي يبذلها من أجل إعادة السلام إلى الربوع السورية. ولفت إلى أن الوضع على الساحة السورية ازداد تعقيدا على مدى السنوات الثماني الماضية، موضحا أنه تتواجد اليوم على التراب السوري حوالي عشرين دولة تتدخل من خلال السلاح والمقاتلين، ومن بين هذه الدول خمسٌ من أقوى دول العالم عسكريا. هذا فضلا عن وجود فصائل مسلحة تتقاتل فيما بينها، وكل ذلك يتم على حساب المدنيين والأشخاص الفقراء والأطفال. وأكد زيناري أن عددا كبيرا من الأطفال السوريين قضوا تحت القنابل منذ بداية النزاع المسلح. تجدر الإشارة هنا إلى أن البابا فرنسيس في كلمته إلى أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي خلال اللقاء التقليدي لمناسبة تبادل التهاني بحلول العام الجديد ذكر بضحايا الحروب، لاسيما في سورية، وقال: إني أوجه مرة جديدة نداء إلى الجماعة الدولية كي تعمل في سبيل حل سلمي للصراع. وطالب بوضع حد لانتهاكات القانون الإنساني، مشيرا أيضا إلى موجة النزوح الكبيرة وليدة الحرب السورية والتي أثّرت على الدول المجاورة لا سيما الأردن ولبنان البلدين اللذين استقبلا أعدادا هائلة من النازحين بروح الأخوّة، ما تطلب تضحيات جمة، على أمل أن يعود هؤلاء النازحون إلى ديارهم عندما تتوفر الظروف الملائمة لذلك.
مشاركة :