أسقط مجلس الشورى أمس بأغلبية ساحقة مقترحاً لمشروع نظام للتحري المدني الخاص، وصوت 105 أعضاء من المجلس ضد إقرار مواءمة المشروع، الذي أيدته لجنة الشؤون الأمنية وأوصت بالموافقة على دراسته، فيما صوت لصالح المشروع 18 عضوا، ورأى عدد من الأعضاء، أن جوهر المقترح وفكرته هو التجسس والمتاجرة بالبيانات الشخصية للأفراد والمؤسسات بغرض تسويقها، وأن أقل ما يقال عن المقترح أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. وأوردت ثمانية أسباب لرفض المقترح، وتلا نص الرفض الدكتور عبدالرحمن العطوي عضو لجنة الشؤون الأمنية، وقال إن المقترح يقوم على قيام أشخاص يتبعون لشركات بجمع المعلومات بطريقة سرية عن الأشخاص المراد توفير معلومات عنهم لأي غرض ولأي جهة، وتتقاضى شركات التحري الخاصة مبالغ مالية مقابل تقديم هذه المعلومات لطالبها، موضحاً أنه بناء على ذلك سيتم جمع المعلومات من جميع المصادر البشرية والتقنية والمادية دون التثبت من مصداقية مقدم المعلومات وصحتها، وستعمل تلك الشركات على إعداد قواعد معلومات مسبقة لتقديمها عند الطلب، وتتسابق على ذلك فيما بينها. ورأت اللجنة أن إقرار النظام يتعارض مع تعاليم الشرع وحفظه للضرورات الخمس، ويتعارض مع النظام الأساسي للحكم في المواد السابعة والثانية عشرة، والثالثة والعشرين والسادسة والعشرين، والسابعة والثلاثين، والأربعين، ويتيح التجسس على الناس من بعضهم أو المؤسسات الخاصة، وتتبع عورات الناس وفضحهم والغيبة والنميمة. من ناحيته، قال الدكتور محمد الجفري رئيس الجلسة إنه لا يوجد في المقترح مأخذ قانوني أو شرعي أو معارضة للنظام الأساسي للحكم أو قواعد عمل المجلس، ونحن الآن في مرحلة مواءمة واستقصاء رأي أعضاء المجلس حول المقترح، واتخاذ قرار بالاستمرار في دراسة المقترح أو إسقاطه واعتباره منتهياً. ووصف الدكتور حاتم المرزوقي عضو الشورى أن جوهر المقترح يهدف إلى التجسس والمتاجرة بالبيانات الشخصية للأفراد والمؤسسات بغرض تسويقها، وعلق على ما أوردته اللجنة حول أهداف المقترح "بأنه يحقق المصلحة العامة وحماية ووقاية المجتمع من الجرائم بكل أنواعها وأشكالها"، وقال أين هي المصلحة العامة هنا ولماذا لم تحدد، وتساءل هل يوجد نظام في العالم يحقق حماية ووقاية المجتمع من الجرائم بكل أنواعها وأشكالها، بخلاف أن أهداف النظام المكتوبة في المقترح غير صحيحة وبعضها ليس له علاقة بالمقترح، ولا يوجد هدف حقيقي أو واضح في المقترح. وقال العضو الدكتور ناصر الشهراني إنه لا يمكن أن يعهد المجلس بأمور البحث والتحري عن المواطنين والمقيمين لشركة أو مؤسسة فردية مهما كانت المبررات والمعطيات، وأضاف "أن أقل ما يمكن أن يقال عن المقترح أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، مشيراً إلى أن المفاسد المترتبة على المقترح أعظم من المصالح التي أشار لها. وبعرض المقترح لتصويت الأعضاء، صوت 105 أعضاء برفض المقترح، وصوت 18 عضوا بالموافقة على المقترح، وقابل الأعضاء نتيجة التصويت بموجة من التصفيق. ومن ناحية أخرى، ناقش المجلس تقرير لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية، بشأن تقرير وزارة العدل، وطالبت اللجنة في توصياتها لوزارة العدل بالعمل على إشاعة ثقافة التحكيم، والاستعانة بالقطاع الخاص للقيام بأعمال التنفيذ تحت إشراف قضاء التنفيذ، وإيجاد برامج إعلامية لتوعية المجتمع بالحقوق والشؤون العدلية وتبصيرهم بكل الخدمات المتاحة لهم، والإسراع في نقل القضاء التجاري والجزائي والعمالي واللجان شبه القضائية للقضاء العام تفعيلاً لأحكام الآلية التنفيذية لنظام القضاء. وبعد طرح تقرير اللجنة وتوصياتها للمناقشة أشاد عدد من الأعضاء بما حققته وزارة العدل خلال السنوات الماضية حتى وصلت نسبة إنجاز الأعمال في الوزارة إلى 80 في المائة، وأشادوا بتقدم الوزارة في مجال تدريب القضاة والموظفين وزيادة أعداد المستفيدين من برامج التدريب. وطالب الدكتور سعدون السعدون تحميل الطرف الخاسر في أي قضية على الأقل أتعاب المحاماة، وعدم الاستمرار في مجانية التقاضي وإتاحة رفع الشخص لقضية أو عدة قضايا وعدم تحمله أي خسائر في حال خسارة القضية، وعلل مقترحه بأنه سيسهم في تردد المدعي في رفع قضية إذا كان غير واثق من كسبها والتخفيف والتقليل من القضايا المرفوعة بدون أسباب في المحاكم.
مشاركة :