أفرزت الأزمة العالمية كتبا ومقالات ومذكرات لا حصر لها، ولكن مشروع باجهوت يسعى إلى تحليلها بطريقة منهجية، وتحديد أنواع الإجراءات الحكومية التي ثبتت فعاليتها، والأنواع التي لم تكن موفقة، والسبب في كل حالة. ويضم المشروع استشاريين قاموا بتصميم برامج مكافحة الأزمات في بلدان مختلفة. وفي هذا الصدد، يقول آندرو متريك أستاذ العلوم المالية في جامعة ييل: "انصب تركيزنا في الواقع على التفاصيل الفنية لأنواع التدخلات المختلفة". وتتمثل خطتهم في إنشاء أداة على شبكة الإنترنت يمكن أن يستخدمها مديرو الأزمات في الوقت الحقيقي إذا احتاجوا، مثلا، إلى إعادة رسملة مصرف، أو إقامة تسهيل لتوفير السيولة في حالات الطوارئ. ويمكنهم الاسترشاد بهذه الأداة أيضا في معرفة ما يتعين اجتنابه، مثل قرار إيرلندا بضمان التزامات مصارفها، الذي تسبب في تحويل السحب الجماعي من المصارف إلى أزمة دين سيادي أشد خطورة بكثير. وعن هذا يقول جايثنر في مقابلة أجريت معه: "المعهود أن ذعر الأسواق نادرا ما يتكرر في البلد نفسه، حتى إن كان يحدث حول العالم بمعدلات تواتر صادمة، فلا توجد بالفعل ذاكرة مؤسسية كافية، توضح كيفية التعامل مع الأزمات المالية النظامية، وبالطبع لم تكن مثل هذه الذاكرة موجودة لدى وزارة الخزانة أو الاحتياطي الفيدرالي". وندوة الصيف، التي يسميها جايثنر "الكلية الحربية"، حلقة تطبيقية لمدة أسبوعين لمسؤولي البنوك المركزية والأجهزة التنظيمية. وقد أرسلت البنوك المركزية في الصين وأوروبا واليابان والولايات المتحدة مسؤوليها للمشاركة فيها، إلى جانب جهات أخرى، مثل: مصرف التسويات الدولية، وآلية الاستقرار الأوروبية. وهناك جزء آخر في برنامج جامعة ييل هو "منتدى الأزمة المالية"، الذي يستغرق يومين، ويتحدث فيه مسؤولون متمرسون، مثل هنري بولسون وزير الخزانة، عن رؤيتهم لموضوعات تبدأ من ضخ رؤوس الأموال إلى أسواق المال المتجمدة. يقول بول تاكر، نائب محافظ مصرف إنجلترا من 2009 إلى 2013، "إن التعلم من التاريخ أمر حيوي بالنسبة للجيل الحالي من المسؤولين، خاصة الشباب الذين يحضرون هذا المؤتمر. وفي الفترة المقبلة، سيحتاج المسؤولون الحاليون أيضا إلى التعلم من الأزمات التي قد تتعجبون أننا تجنبناها أو نجحنا في احتوائها". وأخيرا، درجة الماجستير في المخاطر النظامية التي تمنحها جامعة ييل بعد دراسة سنة واحدة، والتي تتيح للمتخصصين في مقتبل حياتهم الوظيفية فرصة لصقل مهاراتهم وبلورة مهارات جديدة. ومن أحدث خريجي هذا البرنامج أوزجو أوزن شافوشوجلو، التي عادت إلى وظيفتها في قسم الاستقرار المالي لدى بنك تركيا المركزي، وبدأت تجري أبحاثا حول نظام للإنذار المبكر يمكن تطبيقه في الاقتصاد التركي. وتقول أوزن شافوشوجلو إن التعارف مع الزملاء من أنحاء العالم كان فرصة لا تقل عن ذلك أهمية، وتستطرد قائلة: "نحن نعيش في عالم مترابط، ومن ثم فإن شبكة الناس ذوي الفهم المشترك ستضطلع بدور مهم في تحقيق اقتصاد عالمي مستقر".
مشاركة :