الأجداد وتربية الأحفاد.. «نحبهم بس لا يزعجونا»!

  • 2/13/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ليس هناك أجمل من رؤية الأجداد لأحفادهم وهم يلعبون حولهم، في طقس مفعم بالعواطف والحب والدفء المتبادل، خاصةً إذا حقّق الصغار الرضا النفسي لهم، برؤية "شجرة العائلة" تكبر وتستقر. لا خلاف بين علاقات الأجداد والأحفاد، فأحياناً كثيرة تكون أكثر متانة وقرباً من الأبناء أنفسهم، والذين دائماً ما يغيبون عن الساحة بسبب أعمالهم لتوفير العيش الكريم، فيستغلون ذلك لرمي مسؤوليات تربية أطفالهم على والديهم، ليُرحب الجد أو الجدة بذلك، متناسين أنه قد حان وقت راحتهم واستمتاعهم بحياة خالية من المسؤوليات، فيضحون تخفيفاً ومساعدةً لأولادهم، وحباً لتواجد أحفادهم حولهم. وبحكم عمر الأجداد، فغالباً لا يصبر مزاجهم على ضوضاء الأطفال طوال اليوم، فكثرة العدد من جميع الأعمار قد يخلق بيئة يكرهها أصحاب المنزل أنفسهم، فما بالك بهم، ولربما استمرت المهمة عدة أيام حتى تأتي الإجازات، مما يحرجهم في التعبير عن حاجتهم للراحة، مما يتطلب التفكير في كلمة: "لا" عندما لا يستطيع الأجداد ذلك، وعندما لا يستطيعون مقابلة أحفادهم ورعايتهم، حيث إن من حقهم نيل الراحة بعد عناء السنين، فالرفض يُعلم الأبناء كيفية تربية أطفالهم، وكذلك تحمل المسؤولية. لعب وصراخ وقالت "بدرية محمد": للأسف الشديد يظل الأحفاد لهم مكانة بقلب والدي لدرجة الدلال المفرط، مضيفةً أن أختها لديها أربعة أطفال وبحكم قرب منزلها لمنزلنا تضعهم دائماً لدينا في حال ذهبت إلى أي مكان، بحجة أنها تفقد السيطرة عليهم في الأماكن العامة، كما أن حرص والدتي أطال الله بعمرها على سعادتها مع زوجها جعلها تتحجج بفقدان السيطرة، مبينةً أنها لا تجد ضرراً في بقائهم إذا كانوا هادئين، والذي في الحقيقة هم عكس ذلك تماماً، حيث لا يبقى شيء من تحف أو أكواب إلاّ ويكسر، غير الصراخ والألعاب بعد عودتها من العمل، الأمر الذي يقلق راحة من في المنزل، ويزعجهم، ذاكرةً أنه لو أخبروا والدتها فإنها تغضب وتخبرهم أنها ابنتها أيضاً وتريد سعادتها. واشتكت "مريم" -طالبة جامعية- قائلةً: أعاني كثيراً من أخواتي وأبنائهن في منزل والدتي أيام آخر الأسبوع، فعدد سبع أخوات وأحفاد في منزل واحد يُعد كارثة، مضيفةً أنه حينما تعود من عملها وتصعد للأعلى تجد أنه مازالت المفارش على حالها والألعاب منثورة لتجمعها وترميها من الأعلى إلى الأسفل، وتنتظر مدة ساعة إن لم يجمعوها فإنها تنزل وتجمعها مرة أخرى ليكون مصيرها الشارع، مبينةً أنه يغضب والدها من تصرفها على الرغم من أنه أكثر شخص يكره الفوضى، مشيرةً إلى أنها لا تعلم سبب الإهمال هذا، متسائلةً: ماذا لو كان ذلك في منزلهم؟، هل سيفعلون ذلك؟، لماذا إجازات الأسبوع يكون المنزل ملجأ للجميع؟، وما قصة المتزوجات والهجرة مع أطفالهن لمنازل الأهل؟، أسئلة كثيرة تحتاج إلى تبريرات. لا يُطاق وأوضحت "نورة العتيبي" -طالبة جامعية- أنه ليس لديها أي مشكلة مع أطفال أخواتها، ففي النهاية ستحتاجهن أيضاً في أمور أخرى، مضيفةً: "لا أقبل أطفال أخوتي الذكور، ليس لأني لا أحبهم، بل على العكس تماماً هم أقرب لقلبي من غيرهم، لكن أن يسكن معنا أخي بجناح ويقضي معظم وقته مع زوجته إما داخل المنزل أو خارجه ويرمي أطفاله على والدتي وعلينا، فهذا لا يُطاق"، متسائلةً: كيف يستطيع أن يخرج معها أمامنا ويوصي والدتي على أولاده ومداراتهم ليستمتع بوقته ونحن "ننحبس" داخل المنزل بسبب أطفاله؟، لافتةً إلى أن الغريب بالموضوع ليس تصرفاته وإنما تصرفات زوجته كيف لا يخطر على بالها أننا بشر مثلها ونحتاج إلى ترفيه مثلما تحتاجه هي؟. وأكدت "أثير الغامدي" -طالبة جامعية- على أن والدها دائماً ما يطلب أحفاده ويصر على بقائهم لدينا، وإن لم يحضروهم يسافر هو لإحضارهم، مضيفةً أن بقاءهم في المنزل يُعد مقبولا لمدة يومين أمّا بعد ذلك فيتحول المنزل إلى كارثة، والسبب أننا جميعنا لا نتحمل الإزعاج، ولا حتى الفوضى، ليصل والدي نفسه إلى مرحلة الصراخ لتهدئتهم وعمل جدول لنا لنتولى أمرهم حتى تنتهي الأجازة ويعودن إلى أهاليهم، ذاكرةً أن الإجازة التي تليها يفعل والدها التصرف نفسه، ناسياً أو متناسياً ما حدث من قبل. تصرفات غريبة وشرحت "موضي الخليفة" -موظفة حكومية- أساس المشكلة قائلةً: للأسف الشديد يتصرف البعض تصرفات غريبة، فبدلاً أن يتزوج ويكون مسؤولاً عن أسرته تجده يرمي مسؤولياته على أهله، متسائلةً: أليس كافياً تربيتك لتأتي بأبنائك؟، مضيفةً أن الخلل يكمن في الأجداد أنفسهم، فلربما لم يكن هذا الولد أو البنت مستعدين ومؤهلين للمسؤولية، فيزجوا به إلى قفص الزوجية بعذر حمايتهم لتجد أطفالهم يحومون في منازل أجدادهم!. وأشارت "أم سارة" -ربة منزل وأم لثلاثة أطفال- إلى أن الجميع مشغول في حياته لكنها دائماً تحتاج أهلها، حتى وهي متزوجة، مضيفةً أنه لا تضمن بقاءهم لوحدهم مع العاملة في منزلها لذلك تأخذهم إلى والدتها كلما احتاجت للخروج إلى موعد مستشفى أو مناسبة خاصة تمنع دخول الأطفال، ذاكرةً أن المنزل الذي احتضنها وهي صغيرة بكل تأكيد سيحتضن أطفالها أيضاً، مؤكدةً على أنه دائماً ما تحاول مكافأة والدتها أو أخواتها بشيء لترضية نفسها، لذلك دائماً ما تجد "معزة" خاصة لأطفالها من بين أولاد أخواتها. أجهزة تجسس وأكدت "لبنى عبدالرحمن" -طالبة جامعية- على أنه دائماً ما تشعر بالقهر خاصةً في أوقات الإجازات، وحين إقرار السفر مع والدتها، ليفاجئهم أحد أخوتها بأنه سيسافر هو وزوجته وسيضع أولاده تحت رعاية أمها، مضيفةً أنه حين سؤاله لماذا لا تضعهم عند أهل زوجتك؟، يخبرهم أنهم يحملون اسمه وليس اسمها، مبينةً أنه لا بأس بمراقبتهم في إحدى أمسياته وزوجته، لكننا نحتاج إلى إجازة وسفر وليس لمجالسة أطفاله، متأسفةً على أن والدتها ضعيفة أمامه، ولا تستطيع رد طلب له، لأنه موقن تماماً أنها تريد أطفاله في أي وقت ونحن لا نريد ذلك. وتحدثت "سعاد الدوسري" قائلةً: أولاد أخوتي أجهزة تنصت وتجسس في منزلنا، فبحكم سكن والدهم في الدور العلوي والساعات الطويلة لدوام والدتهم يبقون معنا حتى يصل والداهم، وقتها يتجولون في المنزل وما يرافق ذلك من لعب وتخريب كسائر الأطفال، مضيفةً أن الأمر الذي لا تقبله هو نقل كل ما يدور في المنزل إلى والدتهم، ومن ثم يأتي أخي لمحاسبتنا في كلامنا، لافتةً إلى أنه أحياناً كثيرة تكون المواضيع عائلية خاصةً كشجار أختي وزوجها فتجد أذانهم مصغية لكل حرف تقوله، لينقلوا ماذا حدث بالتفصيل الممل، الأمر الذي يجعلهم دائماً ما يقعون في الحرج معها، مبينةً أنه لا يكفي زوجة أخيها وضع أطفالهم لديهم، فالأمر وصل إلى التجسس. تثاقل وبرود وأوضحت "خلود التويجري" -موظفة قطاع خاص- أنه دائماً ما تمسك بأبناء أخيها عدة ساعات، بل أحياناً كثيرة حينما تطلب منهم والدتها أن يصعدوا ليستحموا يعودون بعدها بدقيقتين ليخبرونا أن والدتهم تقول لهم: "أشرفوا على استحمامهم، أنا مشغولة!"، مبينةً أن والدتها كبيرة في السن طاقتها فقط على والدها ولنفسها، وليست مجبورة بتربية جيلين، ذاكرةً أن المضحك في الموضوع أن بقاء الأولاد المتزوجين في منزل أهاليهم يعفي زوجاتهم من جميع المسؤوليات المتعلقة بالطبخ والتنظيف لتوفر الخدم في المنزل، متسائلةً: أتتثاقل على تربية أطفالها أم تنتظر أحدا آخر يُشرف عليهم؟. وشاركتها الرأي صديقتها "العنود" بقولها: هذا ما يحدث في كل منزل، فكل مغرب يرسل أخي ابنته فجأة من غير أن يخبرنا بذلك، وأحياناً كثيرة يصادف وقت خروجنا لارتباط آخر فتضطر والدتي إلى البقاء معها، مضيفةً أنه حينما علم بالأمر لم يفعل سوى أن يحضر معها حقيبة بملابسها وأدويتها وكأنه خفف من الأمر، مشيرةً إلى أنها لا تعلم ما سبب إرسالهم لها دائماً؟، فلو كان في الصباح لعذرناه، أمّا بعد المغرب فالطفل يحتاج إلى الراحة والنوم، فكيف وإن كان مريضاً فوالداه أولى بالاهتمام به. لا تتردد في كلمة «لا» لابنك إذا لم تستطع متابعته.. أهم ما عليك صحتك كلمة لا وتحدثت "هدى الصقية" -استشارية أسرية- قائلةً: كثيراً ما تجد الجدة تحاول إخفاء مشاعرها من هم وقلق وتعب إذا تولت أمر رعاية أحد احفادها، وحينما يخبرها الجميع بضرورة مصارحة هذا الابن تجدها ترفض تماماً وتحاول إخفاء ذلك ومعاقبة من يحاول أذية مشاعر ابنها، ناصحةً بقول كلمة: "لا" عندما لا تريد ذلك، وعندما تكون لا تستطيع مقابلة أحفادك ورعايتهم حتى وإن مارس أبناؤك الضغوط كونك جداً أو جدة، مضيفةً أنه عليك أن تقدم الحب غير المشروط تجاه أولادهم، ومن حقك أن تنال الراحة بعد عناء السنين ومشقة تربية أطفالك، مبينةً أنه بذلك تعلمهم أن عليهم تربية أطفالهم بنفسهم وتحمل المسؤولية، لا بأس بوجودهم ساعات أو حتى أيام معدودة، لكن بقاءهم في منزلك طول الوقت وتفرغك شبه الكامل لأمر رعايتهم من لبس ومأكل ومشرب فأنت غير ملزم، كونك رعيت الجيل الأول، وليس من مسؤولياتك رعاية الجيل الثاني، ذاكرةً أنه إذا كان أحفادك يقيمون معك في المنزل نفسه فاعلم أنك ستبذل مجهوداً مضاعفاً بالرغم من كونهم قريبين لك حتى أنك ستتولى أمر تربيتهم أيضاً، فلا تظن بقاءهم بمنزلك وقربهم لك سيكون بمثابة الراحة، لكن بإمكانك وضع قواعد يتبعها كل من يدخل منزلك أو من يعيش فيه، مشيرةً إلى أن الأفضل الفصل بين دورك كجد ودورك كأب، فمهمتك أن تسعد بقربهم وليس لتشقى بتربيتهم، مُشددةً على أهمية وضع جدول لعادتك اليومية حتى يأخذ عليها أولادك وأحفادك، كأن تجعل لك أوقاتاً مخصصة للنوم والأكل والقهوة، فالأطفال خاصةً يحبون النظام الروتيني؛ لأنه آمن، أمّا الكبار من أبنائك فيحترمون وقتك. وأضافت: الأهم من ذلك كله، حاول أن لا تخفي مشاعرك، فلا بأس بجد أو جدة مغتاظ أحياناً وسعيد أحياناً أخرى، فمازلت بشرا تتأثر بالبيئة المحيطة بك، فشفافيتك ووضوحك يجعلهم يحترمونك أكثر، ويعرفون كيف يتعاملون معك بالطريقة التي ترضيك. وافقت على رعاية خمسة أطفال فندمت..! في كل مرة تقرر أختي السفر لا تجد من ينتبه لأطفالها أكثر مني، عادتها قبل زواجي بوضعهم تحت رعايتي استمرت حتى في منزلي، أحب أختي أكثر من أي شيء، إذ لم تختارني من بين أخواتي إلاّ لعلمها أني سأكون أحرص منها. فكرت أختي بأداء فريضة الحج مع زوجها، لكن وجود خمسة أطفال أكبرهم لم يبلغ الرابعة عشرة كان أشبه بالمستحيل، استشارتني في الموضوع ترددت قليلاً كيف سأخبر زوجي بأني سأحضر خمسة أطفال دفعة واحدة داخل المنزل؟، وكيف سأرعاهم جميعاً من غير مساعدة، اختطف لونها واعتلاها الحزن، لكني بادرت بسرعة أنه لا مشكلة لديها، لأقع في ورطة كبيرة لم أحسب حسابها. تفهم زوجي الأمر ووافق على مضض لأخبر والدتي حتى تأتي لي يومياً لتساعدني في تلبية احتياجاتهم المختلفة، مر اليوم الأول بسلام على الرغم من خوفي الشديد من سقوط أي شخص منهم أو غيرها من الحوادث لا سمح الله، وضعت رأسي بعد عناء اليوم الأول لأفاجأ بالصغيرة ذات الثلاث سنوات تختبئ بسريرنا وتريد النوم بجواري، على ما أظن أنها اعتادت أن تنام بجوار والديها لكن للأسف كان الوضع غير مقبول بتاتاً بالنسبة لزوجي. أسبوع كان من أصعب الأسابيع في حياتي فلا يوجد تحفة أو طاولة إلاّ نالها نصيب من الكسر أو التخريب، ولا يوجد مكان بالأثاث إلاّ وبقعة عصير أو ماء قد انسكبت عليه، ناهيك عن الضوضاء والصراخ والألعاب المتناثرة، لتقرر والدتي بعدها بأخذهم إلى منزلها خوفاً من غضب زوجي والذي قرر هو الآخر مغادرة المنزل. صحة والدتي لم تكن تسمح لها بمجاراتهم فكنت قلقة جداً عليها وعلى ردة فعل أختي حينما تعلم أني تخليت عن أطفالها، عادت أختي من الحج لتبقى يومين في منزلها متعبة بعد هذه الفريضة ولم تأخذهم، فالإرهاق والمرض نالها، بعد فترة ليست بالطويلة زارتني أختي في منزلي لتشكرني على الاهتمام بأطفالها لتفاجأ بمنظر المنزل وماذا حدث له لتبدأ بالاعتذار وتعويضي عن الضرر الذي حدث. ما أغلى من الولد إلاّ ولد الولد زيارتك لوالديك واجبة وزيارة أطفالك لهم يخفف من وحدتهم، ف"لا أغلى من الولد إلاّ ولد الولد"، لكن زيارتك لابد أن تكون ذات طابع خفيف على النفس، بحكم كبر سنهم، وحاجتهم للراحة، إذ لابد أن تنتبه لبعض الملاحظات: * زيارتك لابد أن تكون نافعة، فوالداك بحاجة إلى وجودك قربهم، أمّا اجتماعك مع أخوتك في يوم واحد فهو للقيل والقال وليس لتفقد أحوال والديك. * لا تكثر الزيارة مع أطفالك، فوجودك قرب والديك مهم، لكن الصغار سيكونون مصدر قلق إذا ما تكررت الزيارة أكثر من مرتين في الأسبوع. * لا تترك أطفالك يجوبون المنزل حتى وإن كان منزل أهلك، فلكل شخص خصوصيته ابتداء من والدك وحتى أصغر أخوتك، فما لا ترضاه في منزلك يجب أن لا ترضاه في منزل والديك من تخريب وتكسير وفوضى. * ابتعد عن الأوقات التي يرتاح بها الشخص مثل الصباح الباكر والعصر وأوقات النوم، فمهما بلغ قدرك ومعزتك أنت وأطفالك إلاّ أن والديك يحتاجان إلى الراحة. * لو اضطررت إلى وضع أطفالك في منزل والدك لا تأتي بعدها تنتقد ماذا تعلم من خلق لا يعجبك، فالمنزل الذي ربّاك قادر على تربية أطفالك، ولا تنسى أنه لابد أن تتنازل عن الكثير من القوانين التي وضعتها لأطفالك، فعدم وجودك يلغي سلطتك جزئياً. # هشتقة

مشاركة :