في مقال الأمس تناولت أهمية (استفزاع) وزارة التعليم (الجديدة) برجالات المجتمع من مثقفين وأكاديميين سابقين ومهتمين للمساهمة في وضع مؤشرات للأداء تغطي كثيراً من جوانب عمل الوزارة في التعليم العام أو الجامعي. وإليكم مثالاً من الولايات المتحدة الأمريكية التي يشتكي مجتمعها من ضعف مخرجات تعليمها العام قياساً بنتائج طلبتها في اختبارات القياس العالمية المقننة في مجالات القراءة الرياضيات والعلوم تحديداً، ومنها على سبيل المثال اختبارات بيزاPISA وتيمس TIMSS وغيرها. وهذه مجموعة من قياديي التعليم في 30 ولاية أمريكية أسمت نفسها (الطاولة المستديرة للمديرين) أصدرت دراسة متعمقة تهدف إلى ربط نتائج التحصيل الدراسي للطلبة بالإطار العريض الذي يشمل العوامل الاجتماعية والاقتصادية في الدول المختلفة. وركزت الدراسة على 9 دول فقط تتشابه مع الولايات المتحدة في الثروة والمكانة والاقتصاد، وهي ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، كندا، فنلندا، إيطاليا، اليابان، الصين، والولايات المتحدة بالطبع. وتقول المجموعة: إن نتائج الاختبارات الدولية (التي لا يكون فيها أداء الولايات المتحدة جيداً على عكس المتوقع) إنما تمثل رأس جبل الجليد الذي يطفو فوق الماء. أما الجزء الغاطس في الماء، ففيه الكثير من المعلومات المهمة الغائبة. ومن الأمثلة التي وردت في التقرير دراستان إحداهما تضع الولايات المتحدة في المؤخرة، وأخرى تضعها في المقدمة. تتناول الأولى الحالة الاجتماعية السائدة (أو مسببات القلق الاجتماعي) على الطفل أو المراهق، مثل العنف وارتفاع نسبة المواليد وعدم الاستقرار الأسري وغيرها. أما الأخرى فتناولت مخرجات النظام التعليمي بصفة عامة إذ حلت الولايات المتحدة أولاً لأن نسبة عالية من خريجيها يتمتعون بتعليم جيد يمنحهم فرصة عالية للتوظيف على المدى البعيد. باختصار نجاح التعليم لا تحققه الأموال الطائلة ولا المباني الفاخرة، فهي ضرورية لكنها ليست كافية بلغة أهل الرياضيات. النجاح يستلزم النظر في الجزء غير الظاهر من جبل الجليد. وبصراحة فإن أعين الوزارة لن ترى الأمور بحيادية كافية مهما حاولت. ولذا فالاستعانة بالأصدقاء الآخرين ضرورة، بل واجب وطني لا بديل عنه. أعلم أن ذلك صعب جداً بالنظر إلى الثقافة السائدة والممارسة المتداولة. لكن من قال إن الوزير خُلق للمهمات السهلة!! salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :