رأى الكاتب السعودي هاني الظاهري أن نتائج ثماني سنوات من الربيع العربي يمكن مقارنتها بنتائج الحربين العالميتين. ولفتت المقالة في ديباجتها إلى أن "أكثر من ثماني سنوات مرت على اندلاع شرارة ثورات الربيع العربي التي أحرقت دولاً آمنة ودمرت شعوباً طموحة وهجّرت ملايين العرب إلى شتى أصقاع الأرض". ووضع الكاتب نتائج الربيع العربي في سنواته الثماني في مستوى واحد مع الحربين العالميتين، مستدركا بقوله: "لكن بدون منتصر حقيقي..". ورصد الظاهري في هذا السياق أن "بعض التيارات والتنظيمات التي تلاعبت بعواطف الغوغاء حققت في بداية تلك الثورات مكاسب سياسية مؤقتة وربما تسللت إلى قصور الحكم من الأبواب الخلفية، لكنها خسرت كل مكاسبها لاحقاً وانتهت إلى (لا شيء)، وهو الأمر الذي علق آمالها بانبعاث موجات جديدة من هذه الثورات لتعيد الحياة إلى حلمها الذي تحول إلى كابوس". وأشارت المقالة إلى أن من وصفتهم بالحالمين "بموجة جديدة من الربيع العربي وفي مقدمتهم أتباع تنظيم (الإخوان المسلمين) يرددون دائما أن الثورات الأوروبية على الأنظمة الإقطاعية والكنيسة مرت بمنحنيات كثيرة من الفشل استمرت عقوداً قبل أن تنجح، وهم بذلك يحاولون إبقاء الأمل في نفوس القلة التي تؤيدهم، لكنهم عاجزون تماما عن فهم أن العالم العربي مختلف كلياً بثقافته وتاريخه وشعوبه عن الأمم الأوروبية". وأكد الكاتب السعودي أن هؤلاء "هم تحديدا في النتائج الأولية لثورات الربيع العربي من انطبق عليهم دور الكنيسة وبالتالي ثار عليهم الشارع، أي أن إسقاط هؤلاء الذين تلاعبوا بعواطف الشعوب بالشعارات الدينية وامتطوا الثورات ليصلوا إلى السلطة هو (الثورة الحقيقية) أما ما قبل ذلك فلم يكن سوى فوضى وشغب بدائي تقوده شهوة الغوغاء للضجيج لا أكثر". وتطرقت المقالة إلى الأوضاع في السودان، مشيرة إلى أنه "قبل أسابيع عندما انطلقت بعض الاعتصامات في السودان الشقيق هلل أيتام الثورات في كل مكان وكبروا معتبرين ذلك صافرة انطلاق موجة جديدة من الربيع العربي، لكن شيئاً مختلفاً حدث هذه المرة أدى لعدم منح مظاهرات السودان ذات الزخم الذي حظيت به الثورات في تونس ومصر وليبيا وسوريا عام 2011". وانتقد الكاتب في هذا الشأن قطر، وقال إنه "يمكن تلخيص ما حدث ببساطة في نقطتين قلبتا المعادلة رأساً على عقب ودفنتا شهوة التدمير في العالم العربي إلى أجل غير مسمى، أولاهما أن شيطان الدمار العربي المتخصص بسكب الوقود على النيران إعلاميا وتمويل الجماعات المسلحة والإرهابيين على الأرض في كل ثورة تم تكبيله ووضعه في ركن قصي منذ الخامس من يونيو عام 2017". كما طالت انتقادات الكاتب السعودي إيران وتركيا، ورأى أنهما تسلمتا "الراية الشيطانية" من قطر، وأنهما في الوقت ذاته "تختنقان بدورهما بالأزمات الاقتصادية والداخلية بشكل يعيقهما عن لعب دور البطولة في التدمير من خلف الكواليس كما كان الحال سابقا". النقطة الثانية التي أوقفت الموجة الثانية من الربيع العربي، وفق رؤية الظاهري تتمثل في "اقتناع الشعوب العربية بعد أن شاهدت نتائج الثورات بأن الفوضى لا تجلب إلا الإرهاب والخوف والدمار والتشرد، وأنها مجرد وسيلة لتسليم السلطة إلى المتاجرين بالشعارات والقذف بالأوطان 200 سنة إلى الخلف". المصدر: عكاظ
مشاركة :