أبوظبي: علي داوود الاهتمام الأكبر بقصر الحصن الذي يمثل الصرح التاريخي العريق لإمارة أبوظبي، لكونه من أهم الأماكن الثقافية والتاريخية التي يستكشف فيها الناس التحولات التي مرت به، ولأنه مكان يضم كنوزاً من الثقافة والتراث، ومجموعة مهمة من المقتنيات والصور والمواد الفيلمية النادرة والتي تعكس طبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية آنذاك، وبمدى أهمية المناطق الأربعة داخل القصر بعد عملية الترميم التي جرت مؤخراً وتشابكها وترابطها، حول كل هذه الأمور من المزايا والإنجازات تحدثنا عنها سلامة الشامسي، مدير قصر الحصن في حوار حصري.** ما الهدف من افتتاح الصرح العريق في هذا الوقت تحديداً؟يعد القصر أقدم وأهم مبنى تاريخي في أبوظبي، فهو يضم برج المراقبة الذي بُني حوالي عام 1795، ويعد حالياً صرحاً تاريخياً عريقاً وسط المدينة ليذكر بتاريخ المكان والناس وأهم التحولات التي مرت على المكان، لقد تم تصميم السرد المتحفي لقصر الحصن ليقدم صورة بانورامية من خلال مجموعة مهمة من المقتنيات والصور والمواد الفيلمية النادرة. ** ماذا عن المناطق الأربع بعد الترميم؟تمثل منطقة الحصن، المربع الأول للمخطط المديني في أبوظبي، وتتألف من أربعة مكونات مترابطة، هي: قصر الحصن، والمجمّع الثقافي، ومبنى المجلس الاستشاري الوطني وبيت الحرفيين. كل معلم يختزل مكونات عريقة من الثقافة والتاريخ، ويعد امتداداً للآخر، فهذا الصرح يمثل التاريخ العريق والثقل السياسي كونه مقراً للحكم وللأسرة الحاكمة، بينما المجلس الاستشاري الوطني بمثابة الكيفية التي بدأت تدار فيه شؤون البلاد بالتعاون ما بين الحاكم ووجهاء البلد، بما في ذلك الحوارات والنقاشات الحاسمة التي قررت مصير الاتحاد، وبالتوازي يظهر المجمّع الثقافي كأول مركز متكامل في البلاد، واحتضن المواهب الابداعية المبكرة ودعمها، وسرعان ما تحول إلى مركز مجتمعي مرموق، أما بيت الحرفيين فهو الحامي للممارسات التراثية والتقاليد المرتبطة بالصناعات التقليدية باعتبارها متضمنة لقيم ومعارف متوارثة لا يمكن التفريط بها.* هل تعتبر هذه المنطقة وجهة ثقافية للزوار؟الحصن يجمع عناصر التاريخ والثقافة المعاصرة والتراث في مكان واحد، ضمن سياق اجتماعي مريح ويشجع على التواصل ما بين هذه العناصر، وهو وجهة يفضلها الزائر الباحث عن جوهر المجتمع وخصوصيته وتم تصميم المنطقة لإعادة تقديم قصر الحصن كمعلم مشرف على الساحل والصحراء، والاحتفاء بأوجه المدينة الحضرية التي برزت عليها الإمارة نتيجةً لمسيرة نموّها المتسارعة، بما يشكل احتفاليةً تليق بالتراث الوطني والهوية الإماراتية بين الماضي والحاضر.وينقسم المخطط الرئيسي إلى منطقتين تتميّز كل منهما بهويتها المختلفة: ففي المنطقة الأولى يبرز التراث القديم من خلال «قصر الحصن»، حيث تم إعادة تصميم المشهد المحيط به لينسجم مع بيئته الأصلية، فيظهر الحصن كمبنى مفرد قائم على سهل رملي يطل على صحراء ساحلية طبيعية، بينما في المنطقة الأخرى، يظهر موقع تراثي حديث حول «المجمع الثقافي»، وهو عبارة عن مخطط شبكي للمدينة الحضرية الذي تتخلله إنشاءات وتعابير هندسية على شكل أسطح صلبة يُقام تحت سقفها العديد من المعارض والفعاليات.** ما تقييمكم بعد عمليات الترميم؟أشرفت دائرة الثقافة والسياحة أبوظبي، خلال الفترة الممتدة بين عامي (2007 - 2018)، على هذه الأعمال الضخمة وقد حرص نهج الترميم المتبع في أعمال الحفظ والتجديد أثناء التنفيذ وبعده على الحفاظ على الخصوصية والقيم التراثية التي يتسم بها الموقع ومكوناته الأساسية، كما روعي في عمليات الإصلاح والترميم وإعادة التطوير للإبقاء على العبق التاريخي الذي يتسلل من المباني المنفردة، كما وضعت تلك العمليات إطار عمل يمكن الاسترشاد به في المستقبل.** كيف لمستم تفاعل الزوار خلال أسبوع الاحتفال؟شهدنا سلسلة من الفعاليات والعروض الفنية، والتي شملت جولات وعروضاً موسيقية وفعاليات مجانية تسرد تاريخ هذه الوجهة الثقافية العريقة، وتخلل البرنامج مجموعة من الأنشطة التي تسلط الضوء على تاريخ الإمارات وثقافتها الغنية، بدايةً من الحرف اليدوية مثل التلي (تطريز) والخوص (تجديل سعف النخل) إلى جانب التعرّف على كيفية صناعة شبكات صيد الأسماك واستخراج اللؤلؤ من المحار. ولاقت هذه الفعاليات، اهتمام زوار الحصن، وأضفى تفاعلهم معها لمسة خاصة على الأسبوع الافتتاحي والأنشطة اللاحقة.** هل تتوقعون الإقبال فيما بعد بصورة أكبر ولماذا؟شهد الافتتاح إقبالاً كبيراً من جمهور كانوا يتنظرون عمليات ترميم المنطقة منذ فترة، حيث إنها وجهة فريدة من نوعها لما تقدمه من تاريخ وتراث ثقافي للأجيال القادمة، كما تعدّ هذه المنطقة وجهة ثقافية جذابة تجمع التاريخ والتراث والمعاصرة في تجربة تلهم الزوار القادمين إلى أبوظبي، فالحصن يعكس غنى وتنوّع المكونات التاريخيّة والثقافية الإماراتية الأصيلة، كما يعدّ افتتاحه مرحلة جديدة من التخطيط الثقافي من خلال الأدوار الجديدة التي تم تطويرها للمعالم الرئيسية لتجسيد السمات الثقافية الفريدة التي تميز مجتمعنا وتدفع المواهب نحو المزيد من الإبداع.** هل الأنشطة ستتواصل على مدار العام ؟نعم بتعزيز التبادلات الثقافية بمختلف أشكالها، عبر سلسلة من المبادرات والبرامج المختلفة، فيستقبل قصر الحصن الزوار طوال أيام الأسبوع ويقدم لهم تجارب زيارة غنية، تشمل أجزاء القصر وغرفه بما تحتويه من مقتنيات وسرد متحفيّ يغطي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتفاصيل خاصة بساكني القصر. أما المجمّع الثقافي، فيحتضن حالياً معرض «الفنانون والمجمّع الثقافي: البدايات» في قاعة الفنون البصرية في المجمّع الثقافي، والذي يضم أكثر من 100 عمل فني لمجموعة من الفنانين الإماراتيين الذين شهدوا البدايات الأولى للمجمّع.من جهة أخرى يستمر «بيت الحرفيين» في تقديم برنامج تدريبي متخصص لتعليم فنيات مجموعة من الحرف التقليدية، بالتعاون مع «الغدير للحرف الإماراتية» ويتضمن سلسلة من ورش العمل الفردية والعائلية، وتغطي الحرف المرتبطة بمختلف البيئات الطبيعية.كما أن «بيت القهوة» يقدم تجربة ثقافية فريدة من نوعها، من خلال مجلس تقليدي تقدم فيه تقاليد إعداد وتقديم القهوة العربية.
مشاركة :