الشارقة: علاء الدين محمود يصنع الكاتب محمد إبراهيم قنديل في روايته «ظل التفاحة»، الصادرة عن دار نهضة مصر للطباعة والنشر 2018، والحائزة جائزة أخبار الأدب للرواية 2018، عوالم خيالية، يعيد من خلالها صياغة الكثير من المواضيع والمفاهيم الفلسفية، ويطرح فيها عشرات الأسئلة المحيرة، وينسج دهاليز متخيلة يعبر بها إلى عمق التاريخ والسير القديمة، في فضاء أسطوري غريب وبديع في ذات الوقت. تنفتح الرواية في بدايتها على مشهد بطل القصة علاء توفيق، وهو عائد من رحلة عمله اليومية من القاهرة إلى المنصورة، غير أن فيضاناً كبيراً يقطع الطريق أمامه، ويُغرق مصر كلها، لكن علاء ينجو من الغرق؛ حيث إن الأمواج ألقت به على ضفاف جزيرة وسط المياه، لكن علاء لن يبقى وحده، فسرعان ما قذف الموج الهادر بفتاة رائعة الحسن، لتبدأ مسيرة القصة الأسطورية. الرواية تبحث عن عالم جديد يتشكل على أنقاض ما هو موجود، فالكاتب يتخذ موقفاً يرفض فيه الفساد والظلم الذي ينخر عظم العالم، ويرى أن الحل في عالم جديد، لكنه يستعيد الماضي بأساطيره وقصصه، لينشئ تصوراً مختلفاً عن العالم الجديد الذي يسود فيه الحب والسلام، وقد وظف الكاتب تقنيات مميزة في السرد؛ حيث عمل على تعدد الأصوات، بحيث نستمع إلى حكايات علاء، وزوجته، وأطفالهما الجدد، إضافة إلى اللغة الفلسفية والشاعرية، التي نجح من خلالها في خلق حالة معلقة بين الواقع والخيال شدت انتباه القراء. وجدت تداولاً وسط القراء في مواقع مراجعات الكتب، ولقيت شبه إجماع على أن الأدب الروائي العربي موعود بكاتب متمكن من أدوات السرد وتقنياته، ويلاحظ أحد القراء مقدرة قنديل الكبيرة على الاختزال؛ حيث لم تتجاوز الرواية 120 صفحة، ويقول: «لعل أكثر اللافت في الرواية قدرة كاتبها العالية على التكثيف، فقد استطاع أن يعرض فيها سيرة حياة بطله، وتحولاته من الطفولة إلى المراهقة والشباب، ومرحلة تمرده وخروجه على المألوف والمعتاد بين أسرته وأهل قريته، بكلمات بسيطة»، فيما يسترعي انتباه قارئ آخر البعد الفكري في العمل فيقول: «الرواية عبارة عن محاولات مضنية من البحث عن أجوبة لأسئلة مؤرقة كُبرى، عندما تُحدث عن الحق والحرية، وغير ذلك من أفكار لا تزال تؤرق الفلاسفة والمفكرين، والروائيين أيضاً في الوقت نفسه»، فيما تشير قارئة إلى جماليات اللغة والبلاغة؛ حيث أتت الرواية وكأنها قصيدة ملحمية، وتقول: «طريقة كتابة الرواية رائعة؛ حيث جاءت التشبيهات جميلة ومعبرة جداً، بل كانت النقطة الأبرز في السرد وجمالياته، والأسلوب كان في غاية القوة، فالكاتب استطاع أن يجمع بين لغة شاعرية ممتعة، وفلسفية تثير الأسئلة». ويرى قارئ آخر أن الكاتب نسج من العمل الروائي رؤيته للكون والحياة، وعزز ذلك بالكثير من الفرضيات التي صاغها بتقنيات سردية رائعة، ويقول: «المؤلف يضعنا أمام فلسفته الخاصة المحتفية بالحياة، ولئن كان قد اعتمد على لغة شاعرية، فإنه يتخلى عنها تدريجياً داخل النص؛ من أجل صناعة فكرته وبلورتها حتى تصبح واضحة ومفهومة للقارئ»، فيما يشير قارئ إلى اللغة الرشيقة، وصناعة المشاهد والصور، فيقول: «أتت الرواية في مجملها وكأنها مشهد يقوم بتأديته ممثلون، فاللغة فيها رشيقة والأسلوب بديع، كما أن الكاتب يترك لأبطاله مسؤولية إيصال معاني الرواية، من خلال قصصهم الخاصة وتصوراتهم».
مشاركة :