النهج الأوسع نطاقا لقياس الفقر «1من 2»

  • 2/25/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

الفقر مفهوم معقد. ويرى كثيرون أن من غير الممكن قياس جوانب الفقر المهمة من الناحية النقدية؛ ففي حقيقة الأمر، من أجل تحقيق النجاح في التصدي للفقر، يجب علينا قياسه من جميع جوانبه. يتضمن الإصدار الأخير من طبعة 2018 من تقرير الفقر والرخاء المشترك، المحاولة الأولى للبنك الدولي لقياس الفقر متعدد الأبعاد على مستوى عالمي. وللمقاييس العالمية للفقر متعدد الأبعاد تاريخ حافل، ومن بين أبرز الأمثلة على ذلك الدليل العالمي للفقر متعدد الأبعاد الذي يصدره سنويا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مبادرة أكسفورد للفقر والتنمية البشرية. يستوحي مقياس البنك الدولي للفقر متعدد الأبعاد طريقة العمل والتوجيه من مثل هذه المقاييس الأخرى، إلا أنه يختلف عن كثير منها في جانب واحد مهم، وهو أن الفقر النقدي "الذي كان يقاس باستهلاك يومي أقل من 1.90 دولار للفرد على أساس تعادل القوة الشرائية في عام 2011" مدرج كأحد أبعاد الفقر. وعلى الرغم من أن الفقر النقدي لا يتضمن بالتأكيد جميع أشكال الحرمان، فإنه يتضمن قدرة الأسرة على تلبية الاحتياجات الأساسية الضرورية من الغذاء، والمأوى، والملبس، والسلع الأخرى التي يمكن الحصول عليها عادة عن طريق الشراء من الأسواق أو توفيرها ذاتيا. من ناحية أخرى، إن معدلات حرمان من يعانون الفقر النقدي في المناطق الأكثر ثراء في مجالي التعليم والبنية التحتية الأساسية تكون أقل. على سبيل المثال، تتاح للشخص في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي الذي يمكنه العيش بما لا يتجاوز 1.90 دولار للفرد في اليوم فرصة بنسبة 50 في المائة للعيش في أسرة دون بنية تحتية أساسية، في حين يقترب هذا الاحتمال في إفريقيا جنوب الصحراء من 90 في المائة. من ناحية أخرى، فإن الأشخاص الذين يعانون الفقر غير النقدي -أي: الأفراد الذين يعيشون فوق مستوى 1.90 دولار للفرد في اليوم- هم أكثر عرضة للحرمان في أبعاد أخرى إذا كانوا يعيشون في إفريقيا جنوب الصحراء. وتشكل بلدان جنوب آسيا حالة مثيرة للاهتمام تمثل ما يمكن أن نتعلمه من هذا النهج الأوسع نطاقا لقياس الفقر. على الرغم من أنه يوجد في هذه البلدان ثلث معدل الفقر النقدي في إفريقيا جنوب الصحراء، فإنها تعاني مستويات مماثلة من الحرمان بسبب حالات الفقر غير النقدي على غرار بلدان إفريقيا جنوب الصحراء من حيث مستوى معين من الدخل. وعلى الرغم من أن بلدان جنوب آسيا تمكنت من خفض مستوى الفقر النقدي بوتيرة مثيرة للإعجاب على مدار العقد الماضي، فإن المنطقة متأخرة من حيث الأبعاد غير النقدية للفقر. ومع ذلك، فإن الحرمان بسبب الفقر غير النقدي في جنوب آسيا يتناقص بسرعة مع زيادة الاستهلاك. ويمكن أن يشير هذا الأمر إلى وجود مجتمعات مستقطَبة، حيث يعاني سكان الريف على سبيل المثال حالات حرمان متعدد الأبعاد، في حين لا يعاني سكان المدن ذلك. وبينما يمثل شرح حالات الحرمان في مجالي التعليم والبنية التحتية الأساسية خطوة مهمة، فإن هذين البعدين لا يغطيان بالتأكيد جميع جوانب الفقر. ويستكشف الفصل الرابع من تقرير الفقر والرخاء المشترك لعام 2018 مقياسا أشمل للفقر متعدد الأبعاد لستة بلدان، مضيفا حالات الحرمان في مجالات الصحة، والتغذية، والأمن للأبعاد الثلاثة السالف ذكرها. وكما هو الحال مع التعليم والبنية التحتية، غالبا ما يلعب الإنفاق العام دورا رئيسا في توفير هذه الخدمات، ومن ثم فإن المنافع التي تتحقق للأسر لا يتم رصدها بالكامل بواسطة مقاييس الفقر النقدي... يتبع.

مشاركة :