دعت رابطة العالم الإسلامي -مشكورة- لمؤتمر الإسلام ومحاربة الإرهاب. كنت واحدًا ممن سعد بالمشاركة بورقة عمل في هذا المحفل العالمي. عدد كبير من العلماء شارك في المؤتمر، الذي شرف برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين مؤكدا -رعاه الله- بوضوح منهج المملكة الصريح في نبذ الإرهاب ومكافحته والوقاية منه، وأن هذا منهج الدولة بكافة آلياتها. تداعى علماء الأمة الإسلامية ومفكروها وقادة العمل الإسلامي من مختلف قارات العالم تلبية لدعوة الرابطة. وليأكدوا محبتهم لهذه البلاد وأثرها الإقليمي والعالمي الإيجابي الواضح، فهي رائدة العمل الإسلامي المتوازن، ومصدر الخير، والمكافح الأول للإرهاب والغُلو بكل أشكاله. ستة محاور تضمنت٣٢ بحثًا، وست ورش عمل، ناقشت الكثير لمصلحة البلاد ومنافع العباد، أهمها: الاتفاق على تعريف الإرهاب وفق ما جاء من المجمع الفقهي عام ٢٢هـ، وإعداد برامج عملية مستمرة تعبر القارات، ووجه (بلاغ مكة) خمس رسائل كتبت من قلب محب ومشفق على هذه الأمة وشبابها ومستقبلها، فضلا عن التوصيات التي كان فيها بعد حضاري لمستقبل مشرق. الرسالة الأولى إلى قادة الأمة المسلمة، حثهم على العمل على تحكيم الشريعة الإسلامية، والإصلاح الشامل الذي يحقق العدل، ويصون الكرامة الإنسانية، ويرعى الحقوق والواجبات، ويلبي تطلعات الشعوب، ويحقق العيش الكريم، ومتطلبات الحكم الرشيد. وإلى علمائها للحفاظ على هوية الأمة المسلمة، وتعاهدها بالتفقيه والتوعية، لتحقق واجبها. ولإعلامها لتعزيز الوحدة الدينية والوطنية في المجتمعات الإسلامية، والتصدي لدعاوى الفتنة والطائفية. وإرساء القيم والأخلاق. وإلى شبابها، بالاعتصام بالكتاب والسنة، وهدي سلف الأمة، واجتناب الفتن، وموارد الفرقة والنزاع، والنأي عن الإفراط والتفريط، وتعظيم الحرمات، وصون الدماء، ورعاية مصالح الأمة الكبرى. ثم رسالة خامسة إلى العالم، حكوماتٍ وشعوبا، بأن التطرف ظاهرة عالمية، والإرهاب لا دين له ولا وطن، واتهام الإسلام به ظلم وزور، تدحضه نصوص القرآن القطعية بتنزله رحمة للعالمين، ومحاربته للظلم بجميع صوره وأشكاله رسائل نرجو الله أن ينفع بها أداء لواجب النصح، وإقامة للحجة، وإعذاراً إلى الله، وامتثالاً لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم». وجدت عزما أكيدا من العلماء للمزيد من العمل والتصدي لهذه الآفة بكل أنواعها وصورها ومكافحتها، وإيجاد البرامج المشتركة والناجعة لها، مؤكدين على براءة الإسلام من الإرهاب، وما يزعمه الإرهابيون لا علاقة له برسالة الإسلام، والتي تؤكد نصوصه الجلية على احترام حقوق الإنسان ورعاية كرامته. ولا شك أن الإرهاب يعرقل نتائج الجهود المبذولة في معالجة الظاهرة، ويتجاهل جهود المسلمين في التعاون الدولي، وفي خدمة الأمن والاستقرار العالمي. صاحب المؤتمر معرض مميز لجهود المملكة في التصدي للغلو وجهود الرابطة وهيئاتها وبرامجها. شكرًا لبلادنا الحبيبة، ملكا وحكومة وشعبا، على الجهود المباركة، وعلى حرصها على الألفة والمحبة. شكرا لسماحة شيخنا مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ؛ على مشاركته من أول يوم حتى نهاية المؤتمر، وعلى سعة صدره وتوجيهاته النيرة، شكرًا لرابطة العالم الإسلامي، ولمعالي د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي، وفريق عمله المميز؛ على ما يبذلونه من جهد كبير في خدمة الإسلام والمسلمين.
مشاركة :