يرى محللون نفطيون أن السعر العادل للنفط الخام من وجهة النظر الأمريكية يتجه دوما إلى الانخفاض بسبب ارتفاع مستويات الكفاءة والإنتاجية في الحقول الصخرية وزيادة التقدم التكنولوجي، لافتين إلى أنشطة الحفر قد تباطأت نسبيا في الأسابيع الماضية، بينما لا يزال مستوى الإنتاجية وتدفق الإمدادات في ارتفاع مستمر. ونوه المحللون في تصريحات لـ"الاقتصادية" إلى أن شركات الطاقة الدولية كشفت عن استمرار تحقيقها لأرباح حتى في ظل مستوى 35 دولارا للبرميل مثل "إكسون موبيل" و"شيفرون" وهو ربما يكون السبب وراء تحفيز الإدارة الأمريكية على مزيد من تراجع الأسعار في محاولة لتحقيق رضاء المستهلكين، وفي الوقت نفسه عدم إلحاق خسائر بالشركات والاستثمارات خاصة في مشروعات النفط الصخري. وتوقعت شركة إكسون موبيل في عرض توضيحي أمس نمو أرباحها أكثر من أربعة مليارات دولار بين 2019 و2020، وذلك بعد يوم من توقع الشركة بارتفاع إنتاج الحوض البرمي إلى مليون برميل من النفط والغاز يوميا بحلول 2024. وفي هذا الإطار، يقول لـ "الاقتصادية"، روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، إن أنشطة الحفر الأمريكية استقرت نسبيا خلال الأشهر الماضية خاصة في حقل بيرميان الرئيس، ولكننا وجدنا الإنتاج في المقابل ما زال ينمو بمستويات كبيرة نتيجة رفع مستويات الكفاءة والتطور التكنولوجي الذي مكن من رفع إنتاجية الآبار. وأوضح شتيهرير أن إنتاجية حقل بيرميان من المتوقع أن تنمو بنحو 40 في المائة في السنوات الخمس المقبلة، بحسب تقديرات كبريات شركات الطاقة الدولية وبخاصة "إكسون موبيل" و"شيفرون" اللذين كثفا استثماراتهما في النفط الصخري الأمريكي بعد زيادة الكفاءة التي أدت إلى انخفاض تكلفة البرميل وزيادة القدرة على تحمل مستويات منخفضة للأسعار. ومن جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة، أن إعلان شركة إكسون موبيل أنها تستطيع تحقيق أرباح قدرها 10 في المائة من استثماراتها في النفط الصخري في ظل مستويات أسعار منخفضة للنفط تبلغ 35 دولارا للبرميل يعكس قناعة الشركات الأمريكية وأيضا إدارة البيت الأبيض بأن مستوى الأسعار الحالي يعد مرتفعا وربما لا يناسب قطاعا من المستهلكين خاصة مع ارتفاع أسعار الوقود في الولايات المتحدة. وأشار ماندرا إلى أنه بالرغم من هذا التقدم الكبير في خفض تكلفة الإنتاج، فإن دول "أوبك" لا تزال تتمتع بتفوق واسع من الصعب أن يصل اليه أحد، حيث تصل تكلفة البرميل لدى بعض الدول إلى نحو ثمانية أو تسعة دولارات وهي بذلك تتمتع بتفوق كبير وقدرة على الاستثمار في ظل الدورات الاقتصادية الصعبة. ومن ناحيته، يقول لـ "الاقتصادية"، جون هال مدير شركة ألفا إنرجي، إن معظم شركات النفط الصخري الأمريكي تتجه حاليا إلى الحد من التوسع في أنشطة الحفر بسبب النمو القوي والمتسع الذي تحقق في الفترة الماضية، مشيرا إلى قناعة أغلب الشركات أن الفترة الحالية تتطلب إعطاء أولوية أكبر لضبط التكلفة ورفع مستويات الكفاءة إلى أقصى مدى حتى في ظل أسعار مرتفعة للخام. وأشار جون هال إلى أنه يمكن احتوء الخلافات من خلال الاتفاق على نطاق سعري جيد يكون ملائما لكل من "أوبك" والإدارة الأمريكية، لافتا إلى ضرورة أن تتضافر الجهود الدولية لقضايا أكثر إلحاحا مثل تجنب تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وحسم النزاعات التجارية وتجاوز حالة عدم اليقين ودعم الوصول إلى التوازن والاستقرار في السوق على أسس مستدامة. وبدورها، تقول لـ "الاقتصادية"، ويني أكيلو المحللة الأمريكية في شركة إفريكا إنجنيرينج، إن كثيرا من الشركات الدولية والأمريكية تتوقع تدفقات نقدية أوسع بحلول عام 2020، مشيرة إلى أن الشركات بالتأكيد تستفيد من جهود خفض الإنتاج التي ينفذها تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها، وأدت إلى مكاسب سعرية جيدة منذ بداية العام الجاري. ونوهت أكيلو إلى أن شركة شيفرون على سبيل المثال قامت بخفض تكاليف الإنتاج والتطوير بنحو 40 في المائة منذ عام 2015، موضحة أن تكلفة إنتاج برميل النفط الصخري بسبب رفع الكفاءة والتكنولوجيا المتطورة انخفضت ربما إلى أقل من 30 دولارا للبرميل معتبرة أن مستوى الأسعار الحالي جيد للغاية بالنسبة لأغلب المنتجين وهو ما يفسر الدعوة الأخيرة للإدارة الأمريكية بالحفاظ على وفرة الإنتاج في الأسواق وتشجيع مزيد من تراجع الأسعار. ويرى المحللون النفطيون أن منتجي "أوبك" ما زالوا يتمتعون بمزايا لا يضاهيهم أحد فيها، وهي انخفاض التكلفة والقدرة على الاستثمار حتى في أكثر فترات السوق صعوبة، لافتين إلى ضرورة استمرار الحوار بين "أوبك" والمنتجين الأمريكيين للتوافق على مدى سعرى ملائم للطرفين. من ناحية أخرى، انخفضت أسعار النفط أمس بفعل توقعات إيجابية للإنتاج من شركتين أمريكيتين كبيرتين لإنتاج النفط وارتفاع مخزونات الخام الأسبوعية في الولايات المتحدة، وهو ما طغى على تخفيضات الإنتاج التي تقودها "أوبك". وبحسب "رويترز"، بلغت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 65.47 دولار للبرميل، منخفضة 39 سنتا أو 0.6 في المائة مقارنة بسعر التسوية السابقة، وانخفض برنت إلى 65.22 دولار للبرميل في وقت سابق من جلسة الأمس. وهبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 0.7 في المائة أو 41 سنتا إلى 56.15 دولار للبرميل. ونشرت "شيفرون" و"إكسون موبيل" تقديرات بشأن الإنتاج في حوض برميان تشير إلى زيادة إنتاج النفط الصخري، كما أظهرت بيانات معهد البترول الأمريكي زيادات أكبر من المتوقع في مخزونات الخام في الولايات المتحدة. وقال معهد البترول إن مخزونات النفط الأمريكية ارتفعت 7.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الأول من آذار (مارس) إلى 451.5 مليون، مقارنة بتوقعات المحللين التي أشارت إلى زيادة قدرها 1.2 مليون برميل.
مشاركة :