كانت لحوم الأضاحي كنزاً - عبد العزيز المحمد الذكير

  • 10/7/2013
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كانت الأضاحي فيما مضى تملأ فجوة حاجة غذائية لقاطني المدن والقرى في بلادنا حيث كان العوز، إن لم أقل الضيق والندرة لمادة غذائية غنية مثل اللحم، منتشراً، والقليل من الأهالي آنذاك يأكل لحماً بشكل يومي أو حتى اسبوعي. وبحلول يوم النحر يقوم الناس بتوزيع المادة للجار والمحتاج، ويتبادلونه كعنوان وصال وهدايا مباركة. وهذا يدعوني إلى القول إن الأجر والثواب فيه قديماً أكثر من الحالة الحاضرة، وإن كان الله تعالى لايُضيع أجر من أحسن عملاً، والثواب على النية إن شاء الله. أقول هذا لأن الآباء تفوقوا مع الزمن والتجربة والحاجة في تبني واختيار الطرق التي تجعل اللحم يصبر لفترة طويلة في المنازل، ويجري استهلاكه لفترة طويلة. والطريقة تلك صحيّة لا غبار عليها، فالبكتيريا (علمياً) لا تتواءم مع الملح. فكانوا يغطون اللحم بكمية كبيرة منه ويُعلق في غرفة خصصها بعضهم لذاك الغرض، ويستهلكون منه حاجتهم اليومية بعد إجلاء الملح عنه وغسله جيداً. والبعض الآخر يعمد إلى غليه وإضافة كمية الملح، وتركه حتى يبرد ومن ثم رفعه بعناية وتعليقه بخيط بطريقتهم المعروفة، والتي تدرّب أهل المنزل على عملها جيداً، واحتاطوا من تلوثها. وليس غريباً إذا قلت أن البعض يظلون يأكلون منها مطمئنين، ولا يُذكر أنها تسببت بمرض. والطريقة كما قرأتُ عنها قديمة، ومُعتمدة عند البحارة ورجال البحر. وقد جاء الشرح لكلمة (Junk)، ولو دققنا قليلاً لرأينا الكلمة مازالت تُستعمل، لكن لتعني العتيق أو المعاد استعماله. وفي العام الماضي أخذ الحنين إلى الماضي أحد معارفي هنا في الرياض وقرر أن ينتهز فرصة كثرة لحم الأضاحي ليعمل (قِفِرْ) أو هو (شريح). فدفن قطعاً من اللحم المُنتقى بكمية من الملح، ومشت الأمور على ما يُرام لولا أن الخادمة اجتهدت ووضعت "المشروع" داخل المُجمّدة (الفريزر)، وطبعاً انتفى الغرض، فأمر أهل البيت بأن يتركوا ذاك اللحم وشأنه في غرفة عادية، وأنذرت الحال بقيام أزمة..!، لأن الأهل لم يعتادوا أن يروا اللحم خارج المُجمّدة. ومع ذلك نجحت فكرته ولبى نداء عاطفته إلى الماضي لبضعة أيام.

مشاركة :