مؤلم للغاية ما حدث في نيوزيلندا يوم الجمعة الماضية، فقد كانت جريمة إرهابية بشعة أسفرت عن استشهاد وإصابة العشرات من المسلمين في يوم الجمعة داخل المساجد وهم يؤدون فريضة دينية لتؤكد بأن الإرهاب لا دين له ولا وطن بل هو نتاج فكر متطرف يتم ترجمته من خلال العنف ومن خلال التجرد من كل الصفات الإنسانية دون رحمة أو شفقة، وأن من حاولوا في الماضي أن يربطوا الإرهاب والإجرام بالإسلام والمسلمين والعرب فقط وكأنهم الوحيدون في العالم الذين يوجد بينهم إرهابيون ومتطرفون إنما كان هدفهم هو زرع الكراهية في نفوس الآخرين واستغلال بعض تلك الأحداث المأساوية من أجل أهداف دنيئة. من شاهد بعض مقاطع الفيديو الدموي عن تلك المجزرة البشعة وذلك الحادث الإرهابي والتي تناقلتها بعض وسائل التواصل الاجتماعية قد يتبادر إلى ذهنه في بداية الأمر بأن ذلك المقطع هو لعبة إلكترونية من تلك الألعاب المنتشرة والتي تنشر العنف بين أبنائنا وتعتمد على قتل وسفك دماء الآخرين، وقد لا يصدق بأن ذلك إنما هو تصوير حقيقي قام به الإرهابي لا ليوثق جريمته فقط بل ولينشرها أيضاً على موقعه في فيسبوك ليطلع عليها العالم أجمع مؤكداً بأن دوافعه من وراء تلك الجريمة ومن خلال ما كتبه من تواريخ وعبارات على الأسلحة الإلكترونية التي استخدمها لقتل الأبرياء داخل المسجد إنما كانت الحقد والكراهية للمسلمين. على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته اتجاه مثل هذه المجازر الشنيعة وخطابات الكراهية والإرهاب والتي لايقرها دين ولا تقبل بها ملة ولا تقرها المواثيق والأعراف الدولية وهي نتاج للسكوت وتجاهل الخطابات والسياسات المؤججة للعنصرية والمعادية للثقافات الأخرى مما أدى إلى انتشار ظاهرة «الإسلاموفوبيا» في العديد من الدول الأوروبية والتي تعلن فيها بعض المنظمات عن توجهاتها المتطرفة والتي تنادي بالكراهية والعنف متخذة من حرية الرأي والتعبير حججاً واهية لإيصال رسالتها. أحر التعازي لضحايا ذلك الهجوم الإرهابي ويجب على المنظمات والمؤسسات الدولية أن تسارع بتجريم الخطابات المتطرفة قانونياً ومحاسبة أصحابها فمثل تلك الخطابات تغذي التطرف والإرهاب وتؤدي لمثل تلك الحوادث الإرهابية الوحشية، كما يجب تكثيف العمل على نشر الوعي والتعريف بقيم التعايش والمحبة والسلام والتصدي لكافة مظاهر العنصرية والكراهية بما يساهم في تحصين المجتمعات وحمايتها من مظاهر التمييز العنصري وكراهية الأجانب. لقد أدانت المملكة ذلك الحادث الإرهابي البشع كما أدانت الإرهاب بكل أشكاله وصوره وأياً كان مصدره، مؤكدة بأن الإرهاب لا دين له ولا وطن، كما دعت العديد من المنظمات الدولية إلى ضرورة احترام الأديان ونبذ المتطرفين والإرهابيين مشيرة إلى ضرورة محاربة الخطابات العنصرية والتي تنبذ الآخرين فهي لا تخدم السلم والأمن العالمي.
مشاركة :