حكمة قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قبل عدة سنين: الإرهاب لا دين له ولا وطن، لأنه نابع عن جهل وهمجية لا يصدر من ذي عقل أو دين، وهو ما عبر عنه في هذه القصيدة العظيمة المعبرة عن ضمير الأمة وعقلائها، عن هذه الشرذمة المقيتة من البشر، حيث صدرها بقوله، حفظه الله: ليس للإرهاب دين أو كتابهو فيما بان لي شرعة غاب نعم، ليس له دين، لأن الأديان السماوية جعلت الحفاظ على النفس من الكليات الخمس التي لم تختلف فيها، والأديان الوضعية لم تَعدُ ذلك، فهي تقدس النفس البشرية، بل قد تعبدها، فالإرهاب إذاً عار عن كل ديانة اعتنقتها البشرية، فهو نتاج توحش أسود الغاب وحيواناتها المفترسة المتعطشة للدماء، ولربما كانت الحيوانات أرحم، فمنها من لا يعتدي إلا على من أحست منه الخطر، ومنها من لا يعتدي إلا عند ألم الجوع، وهؤلاء تجاوزوا هذه الوحشية ليقتلوا لأجل القتل أو لأجل الهوية، وهم من عبر عنهم سموه بقوله: وله أتباع في تفكيرهمكل شيء ممكن إلا الصواب فالصواب هو المستحيل الذي لا يعرفونه ولا يمكن الوصول إليه فــ: هم مع الشيطان في أفعالهم بل من الشيطان أنكى في الخطاب ولا ريب أنهم من شياطين الإنس الذين قد تجاوزوا حدود أبلسة شياطين الجن، لأن شياطين الجن لربما قالوا حينما تقوم عليهم الحجة ولا يجدون مناصاً من قبولها: إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (الأنفال: 48)، وهؤلاء يقرؤون الحجج البينات في تحريم دماء المؤمنين والمؤمنات وينتهكونها بأوضح العبارات، فأي فكر يحملونه أو دين ينتهجونه كما قال سموه: أي فكر هو هذا فكرهم؟!غير قتل النفس من غير احتساب قتل النفس التي عصمها الله تعالى وجعل قتل نفس واحدة كقتل الناس جميعاً: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً (المائدة: 32). وانظر كيف تمادوا في قتل النفس البشرية حتى في أقدس الأماكن وأطهر البقاع وللصائمين القائمين الركع السجود: حاولوا تفجير صرح شامخ قد بناه المهتدي الهادي المجاب مسجدٌ أسس بالتقوى ومِن نوره النور غشا الكون وطاب فهل لهذا من هدف أو منهج سليم غير التوحش الذي لا يرقب في مؤمن إلاً ولا ذمة، فماذا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي يزعمون اتباعه، وهو الذي أنزل عليه خطاباً للبشرية ألا ترفع أصواتها عند حجراته، حتى لا يتأذى برفع الصوت، وأذية رسول الله صلى الله عليه تستوجب لعنة الله والملائكة والناس أجمعين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (الحجرات: 2)، وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (التوبة: 61)، وقد كانت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها إذا سمعت من يدق جداراً في حائطه نهته عن ذلك لئلا يتأذى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه حي في قبره، تعرض عليه أعمال أمته ويرد السلام على من سلم عليه، وكان مالك، رحمه الله، إذا سمع من يرفع صوته عند حجراته ينهاه ولو كان من كبراء القوم، ويتلوا عليه آيات الحجرات، وهؤلاء لما كانوا ليسوا من الإسلام في شيء، رأوا أن هذا الخطاب لا يعنيهم، ليكون برهان صدق على عدم انتمائهم لديننا ومنهج نبينا صلى الله عليه وسلم، فما يسعنا إلا الاعتذار لصاحب القبر الشريف صلوات ربي وسلامه عليه، وهو ما عبر عنه سموه بقوله: يا رسول الله عذراً إننافي زمان فيه أمر الرشد غاب ويقصد به رشدهم، فهم ليسوا من الرشد في شيء، ولذلك هم: يقتل الواحد منهم أهله لا يراعي أي قربى وانتساب فهل هناك من رشد لمن يقتل أباه الذي تحدر من صلبه وأمه التي تربى في أحشائها، والتي حملته كرهاً ووضعته كرهاً وأرضعته من دمها وخلاصة غذائها، أو زوجته التي يسكن إليها أو أخته وأخاه وقريبه الذين عاشوا معه في حجر واحد وتحت كهف ورعاية واحدة؟ كل ذلك دليل عدم الرشد فهم في ضلالتهم يعمهون، فحتى عتاة الجن ومردة الشياطين لا تصل إلى مثل ذلك الإجرام، وقد كانت في رمضان مغللة ومصفدة عوناً للصائمين عن أن يفتنوهم، وهؤلاء الذئاب لم يكونوا كذلك، لأنهم انسلخوا من البشرية ولم يكونوا من ماهية الشيطانية، ولذلك هم كما قال سموه، حفظه الله: وصل الأمر بهم لو خربوا حرماً عن لمسه الشيطان خاب ولربما كانوا يقصدون قبره الشريف، والله عاصم نبيه عنهم، ولكنهم لا يعقلون: لم يبالوا مهبط الوحي ولميحسبوا للمصطفى أي حساب فدنسوا ذلك المكان الطاهر الذي تنزل فيه جبريل وثوى فيه سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين، المكان الذي شع منه نور الإسلام وفتحت منه الدنيا بنور الله المبين وهمهم ما عبر عنه سموه بقوله: ويعود الناس فوضى ما لهمغير تكفير وسفك واحتراب وهم مصممون على هذا المنهج الإجرامي فلا مطمع من هدايتهم: لن يتوبوا عن أذى يأتونهأبداً إلا إذا الشيطان تاب بعثوها فتنة مشهودةتترك الدنيا تراباً في تراب فليس أمام هؤلاء من حل إلا حد السيف الذي يجب أن يسل فيهم حتى لا يبقى منهم عين تطرف، وذلك واجب كل مسلم ومسلمة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي في آخر الزمان قوم، حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة. وهو ما عبر عنه سموه بقوله: يا بني الإسلام هل من وقفةتحسم الشر وتجتث الخراب وقوله: إن في القوة حلاً كلما جاء أهل البغي يبغون الجواب فأعدوا ما استطعتم واصبرواذاك وعد الله في أم الكتاب حفظ الله سموه ووفقه وأعانه وسدده، لقد تكلم بلسان كل مسلم غيور على دينه وأمته وحرمة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم، وحرمه الآمن، فجزاه الله عنا وعن المسلمين خيراً.
مشاركة :