تحتفل مصر بيوم المرأة المصرية في ١٦مارس من كل عام وهذا اليوم محفور علي صفحات التاريخ لتشهد هذه الصفحات شهادة حق علي الدور الوطني للمرأة المصرية ففي هذا اليوم من عام ١٩١٩ استجابت المرأة للشعور الوطني مثلها مثل الرجال ونزلت لأول مرة في حياتها ميدان النضال السياسي مسجلة بذلك أخطر خطوة في التطور الاجتماعي لها في تاريخ مصر بعد أن وجدت فرصة العمر لإثبات وجودها في هذا الوطن الذى تعيش فيه لتؤكد وجودها ودورها في الأحداث الهامة التي تحدث فيه واستطاعت بذلك أن تغير المفاهيم في التقاليد والعادات المتحكمة في حياة المجتمع المصرى بعد أن كانت تعيش في ظروف ثقافية وفكرية يحكمها التزمت وتجاهل قدراتها وأدوارها في الحياة المصرية. ففي ١٦ مارس ١٩١٩م قامت السيدات بل والانسات وعددهن ثلاثمائة من كريمات العائلات الكبيرة في القاهرة بمظاهرة كبرى لمشاركة الرجال بكل طوائف وفئات الشعب المصرى في الاحتجاج علي نفي الزعيم الوطني سعد زغلول ورفاقه خارج البلاد بعد القبض عليهم وأعددن احتجاجا مكتوبا وقدمنه لمعتمدى الدول الأجنبية يحتججن فيه علي الأعمال الوحشية التي قوبلت بها الأمة المصرية التي تطالب بحرية البلاد واستقلالها تطبيقا للمبادئ التي أعلنها الرئيس الامريكي الدكتور ولسن وقبلتها جميع دول العالم سواء المعادية لأمريكا أو الصديقة او المحايدة وطفن شوارع وسط القاهرة في موكب كبير وهن يهتفن بالحرية والاستقلال فقام جنود الاحتلال الانجليزى بعمل نطاقا حولهن لمنعهن من الوصول الي بيت الأمة ( بيت سعد زغلول) بباب اللوق وأبقوهن داخل هذا الحصار لمدة ساعتين تحت وهج الشمس وحرارة الجو وظللن واقفات لايرهبن التهديد بل تقدمت احداهن تحمل علم مصر الي جندى انجليزى كان يصوب بندقيته إليها وقالت له بالانجليزية : " نحن لا نهاب الموت أطلق بندقيتك في صدرى لتجعلوا في مصر مس كافل ثانية " وكتبت الاحتجاجات الي سفراء الدول الاوربية علي هذه المعاملة . وبعد هذه التظاهرة بثلاثة أيام قامت السيدات والأنسات بمظاهرة أخرى وضرب الإنجليز حصارا حولهن ثم رفع الحصار بعد تدخل القنصل الأمريكي ولم يتوقف دور المرأة المصرية الثائرة علي التظاهر والاحتجاج فحسب بل ذكر السير فالنتين مراسل جريدة التايمز في القاهرة أن المرأة المصرية شاركت الرجل في إقامة المتاريس في الشوارع الا أنها كانت تبتعد عند بدء القتال والصدام مع الإنجليز ثم تعود لتتفقد أحوال الرجال الثوار كما أن جماعات من النساء قمن بمراقبة الموظفين المضربين عن العمل حتي لايعودون للعمل بالوزارات ، كما راقبن المحال التجارية الإنجليزية ومنعت أى مصرى يحاول الدخول للشراء منها فكسدت تجارة المحال الانجليزية. كما رأينا اتحاد عنصرية الأمة بين النساء المشاركات في الثورة حيث قمن السيدات المسلمات بزيارات لأخواتهن المسيحيات في الكنائس وكذا قمن السيدات المسيحيات بزيارات لإخوانهم المسلمات في المساجد وقمن بتشكيل لجان لهن لتنسيق العمل الوطني وفي يوم ٢٤ أبريل ١٩١٩م استقبلت لجنة من السيدات المسلمات المجتمعات بمسجد السيدة زينب وفدا من السيدات المسيحيات اللاتي أتين لشكرهن علي التهنئة بعيد الفصح وألقيت الخطب آنذاك من السيدات المسلمات والمسيحيات. واستطاعت المرأة المصرية أن تشق طريقها علي ساحة الحياة المصرية في المجتمع وبعدها أقبلت الأسر العريقة علي تعليم بناتها تعليما علي النظام الغربي الحديث بينما غالبية هذه الأسر كان يعتقد أن تعليم المرأة يحط من مكانتها وكرامتها ثم انتشرت الفكرة بعد ذلك في أوساط الأسر الأخرى بين الطبقات المتوسطة من المحامين والأطباء والموظفين والصحفيين أنذاك وبهذا دخلت المرأة المصرية مرحلة جديدة من التحول الاجتماعي والثقافي وكانت فرصة لها أن ترفع صوتها بالحرية والاستقلال لمصر وغيرت وجهة نظر المجتمع لها حتي دخلت البرلمان وكانت أمينة شكرى أول امرأة تدخل البرلمان المصرى في عهد الرئيس جمال عبدالناصر الرجل الصعيدى ليتبعها أخواتها بعد ذلك .. فكل عام والمرأة المصرية بخير في يومها ويعدها.
مشاركة :