كثيرا ما تجد بعض الكُتاب وربما كنت أنا وأنت من بينهم! عندما نزلف للماضي "قريبا كان أم بعيدا" لنقتبس منه أفكارا لبعض مقالاتنا، لنسقط الفكرة "بحرفية وإجادة لأساليب التورية والمعانى الضمنية. والحقيقة والمجاز " لنسقط حدثا ما على الحاضر المعاصر بُغية الإصلاح أو ابتغاء أشياء أخرى في بطن الكاتب ..! ثم في النهاية يجد بعضُنا أو كلُنا أن مقالته مرت مرور الكرام ! ليس لأنها لم تجد من يقرأها لكن لسبب "ليس بالبسيط " وهو استحالة تغيير الماضي لأن وقائعه أصبحت بالفعل في خبر كان وأن تغيير أي في الحاضر بأدوات قديمة أضحى ليس في الإمكان بمكان ..وبالرغم من ذلك مازالت عيون الأقلام تترقب ما يأتيها من التاريخ من قصص وأفكار عبر دفتي الكتب والمجلدات والمخطوطات، نحسبها أفكارا مفيدة للواقع مناسبة له، بينما في مجملها لم تجر علينا غير ويلات الفتن والمؤامرات والتطرف والتشدد ومن ثم الإرهاب ! وهكذا يفعل العائدون للماضي من قومنا في أوطاننا العربية متوهمين أننا أصحاب ماضٍ عريق ذي مجد وعراقة ! وهذه القناعات السطحية سر من أسرار الفشل العربي وسر الغيبوبة التي حجبت معها أشعة الوعي والتنوير .. فلماذا لا نترك الماضي بتاريخه المريب وبما فيه من "الجج المذهبية والطائفية" وما أكثر ما به من نقاط الخلاف والاختلاف ؟! لماذا لا نتفق جميعا ونصرح بأنه ليس كل ما بالتاريخ من "عبر وحكم " أدوات صالحة لاستعمار الأرض وامتلاك الحاضر والمستقبل ! وأنها في أغلبها منتهية الصلاحية، بالإضافة لكونها مُختَلفة على صحة نسبها وتأويلاتها . ! لقد خلق الله عيوننا من الأمام وليس من الخلف، أليس لعلة التقدم وليس للنظر للوراء ؟! ألم يأن للذين آمنوا بالماضي أن ينظروا للأمام ويلقوا بظلال الماضى عرض البحر وطول المحيط ، تلك أمة قد خلت وما أورثونا غير تركة ثقيلة ربما كانت متوازية ومتطابقة مع واقعهم وطبيعتهم وظروفهم، لكن في واقعنا نحن ظلت مُختلفا عليها فحملنا مخلفاتها وخلافاتها على عاتق أفكارنا وقلوبنا، ورغم أثقالها رفعناها عاليا فتوقفنا في دروب أنفاقها لأننا لم نستطع السير بها للأمام فسقطنا وتقهقرنا وإلى الآن نتنافس ونتسابق على من يقع قبل الآخر ! في الوقت الذي نسي غيرنا ماضيهم فوضعوا حاضرهم نصب أعينهم متصالحين معه ومع المستقبل فآتاهم المستقبل طوعا تحت عقولهم وأفكارهم . .. الويل لأمة نامت في ماضيها وتراجعت فسخرت من جهلها الأمم وتهكمت .... كفانا من الماضي اقتباسا فما كان الماضي إلا للعقل محبسا، وللنخاسة سوقا .... يقول ألبير كامو : إن هذا العالم المليء بالآثام لم يصل إلى تلك الدرجة إلا لأن كل انسان قد أعطى لنفسه الحق فى أن يحكم .
مشاركة :