بدأت في جنيف صباح الخميس جولة جديدة من المحادثات بشأن النزاع على إقليم الصحراء الغربية بمشاركة وفود تمثل المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا. والتقى في اجتماعات منفصلة المبعوث الأممي هورست كولر، الرئيس الألماني السابق الذي يقود جهود الأمم المتحدة للسلام وزراء خارجية المغرب ناصر بوريطة، ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، وإسماعيل ولد الشيخ أحمد وزير الخارجية الموريتاني، وكبير مفاوضي جبهة البوليساريو خطري ولد أدوه رئيس المجلس الوطني الصحراوي والوفد المرافق له. وتمهد اللقاءات المنفصلة والتمهيدية لاجتماع حول طاولة مشتركة بعد الظهر في قلعة تاريخية قرب جنيف "Château la Rosey". وبحث الاجتماع "سبل نجاح هذه الجولة والمضي قدماً في طريق التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من جميع الأطراف يؤدي إلى تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية"، حسب مصدر في الأمم المتحدة. ويسود تفاؤل حذر في جنيف بشأن تحقيق تقدم في هذه الجولة، وتطالب جبهة البوليساريو بإقامة دولة مستقلة في إقليم الساقية الحمراء ووادي الذهب الغني بالفوسفات والمطل على ساحل أطلسي يمتد مئات الكيلومترات الغني بالأسماك، فيما يعرض المغرب مستنداً حكماً ذاتياً موسعاً على سكان الإقليم الذي يخضع كاملاً لسيطرته منذ 1979 تاريخ انسحاب موريتانيا من النزاع وضم المغرب وادي الذهب إلى مدن الساقية الحمراء الخاضعة للسيادة المغربية منذ انسحاب الجيش الإسباني 1975. وتدعم الجزائر جبهة البوليساريو وتشدد على "حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير"، وترفض أي خطط للتسوية لا تتضمن تنظيم استفتاء لتقرير المصير يختار فيه الصحراويون بين إقامة دولتهم المستقلة "الجمهورية العربية الصحراوية" أو الانضمام للمملكة المغربية. ويتركز قادة ومقاتلو جبهة البوليساريو في منطقة "تندوف" جنوب الجزائر، ويعيش آلاف الصحراويين كلاجئين في مخيمات ويعتمدون في شكل أساسي على مساعدات إنسانية تقدمها المجموعة الدولية ودعم مباشر تقدمه الحكومة الجزائرية. وتقول موريتانيا إنها ملتزمة بـ"الحياد الإيجابي"، والتزم وزير خارجية موريتانيا إسماعيل ولد الشيخ أحمد والوفد المرافق له الصمت خلال الجولة السابقة، ويؤكد المسؤولون الموريتانيون على صفة "مراقب" التي وجهت لهم على أساسها الدعوة لحضور هذه الجولة من المفاوضات. والتقى فرقاء النزاع على الصحراء الغربية في ديسمبر من العام الماضي لأول مرة منذ عدة سنوات بعد أن فشلت جولات تفاوض سابقة في نيويورك. وتهدف جولات التفاوض الجديدة لكسر الجمود في العملية السياسية وبحث مقترحات لحل النزاع وتعزيز التهدئة في المنطقة العازلة على الحدود بين المغرب (الإقليم الذي ضمته 1975) وموريتانيا. وكان نشاط مكثف لناشطين ومقاتلين صحراويين في هذه المنطقة التي تعبر منها الشاحنات والمركبات المغربية المتجهة إلى موريتانيا ودول غرب إفريقيا كاد يشعل فتيل حرب جديدة تنهي وقف إطلاق النار بين المغرب والبوليساريو القائم منذ 1991. ويسعى المغرب لوضع آليات جديدة لمراقبة وقف إطلاق النار ومنع خروقات المقاتلين الانفصاليين الصحراويين، ويعتبر ناصر بوريطة وزير الخارجية المغربي أن قرار مجلس الأمن الدولي 2351 يحسم الخلافات بشأن "الكركارات" المنطقة العازلة التي أقام فيها مقاتلو البوليساريو نقطة تفتيش، ما أثار غضب المغرب وأدى لاستنفار عسكري على الحدود مع موريتانيا. وكشف الباحث الصحراوي في جامعة إشبيلية جنوب إسبانيا بشير محمد الحسن أن الوسيط الدولي طلب من الوفود "المزيد من التكتم وعدم تسريب معلومات للصحافيين"، وهذا ما يفسر في رأيه الغموض حول أجندة هذه الجولة. وأضاف أن "الوفود لم تتوصل لأي مقترح رسمي من كولر" وأن كل عمله حتى الآن يتركز على "تذليل الصعوبات والعقبات وكسر الحاجز النفسي وإجراء لقاءات كل ثلاثة أشهر لتستمر هذه الدينامية الجديدة في عملية السلام". وشدد الباحث الصحراوي والناشط في دعم جبهة البوليساريو على أن الصحراويين يرون في مشاركة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الحزائري رمطان لعمامرة رغم الأحداث الجارية في بلاده والمشاكل السياسية والأمنية الداخلية "تكريساً لاستمرار اهتمام الجزائر الكبير بهذا الملف وبقضيتهم العادلة"، حسب تعبيره.
مشاركة :