فضائل قراءة القرآن

  • 3/29/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لقراءة القرآن الكريم فضائل عديدة منها ما تحدث به الرسول‮ صلى الله عليه وسلم في قوله‮: «‬القرآن والصيام‮ ‬يشفعان للعبد‮ ‬يوم القيامة»، فهذا الحديث البليغ‮ ‬يجعل أصحاب القرآن في مقدمة أهل الخير، خاصة إذا امتازوا بأن‮ ‬يتعلموا القرآن ويعلموه لغيرهم‮ ‬، وهو أمر في ‬غاية‮ ‬السمو، لأنه‮ ‬يتعلق بكلام الله سبحانه وتعالى الذي هو رسالته الخاتمة إلى البشرية كلها، وعلى المسلم أن‮ ‬يدرك حين تلاوته للقرآن الكريم أنه في حالة مناجاة ودعوة، وعبادة خالصة لله سبحانه وتعالى، الأمر الذي‮ ‬يفرض عليه التحلي بالأخلاق‮ ‬وصفاء النفس والنظافة‮. ‬والبعد عن الأحقاد والآثام والقراءة بنية العبادة حتى‮ ‬ينال عظيم الثواب من الله سبحانه وتعالى‮.‬‮ ‬ومن أعظم ما‮ ‬يتحلى به المسلم أن‮ ‬يتدبر القرآن الكريم حين‮ ‬يتلوه ويفهم معانيه ويجتهد في التخلق بآدابه السامية والالتزام بتعاليمه الفاضلة‮.‬‮ ‬ويوضح د‮. ‬أحمد عمر هاشم في كتابه‮ (‬فضل القرآن) هذه الحقيقة قائلاً‮: ‬«للقرآن الكريم شفاعة بين‮ ‬يدى الله عز وجل لقارئه الذي‮ ‬يرفعه الله بقراءته درجات عليا في الجنة ويزيد له في المكانة والكرامة‮».‬‮لقد أجمع علماء الأمة على أن لقارئ القرآن‮ ‬مكانة مميزة مرموقة عند ربه‮،‮ ‬وكان النبي صلى الله عليه وسلم ‬قد أشار إلى هذه المكانة في أكثر من موضع ومن ذلك قوله‮: ‬«يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة‮: ‬اقرأ وأرقَ، من أوتي القرآن فظن أن أحداً أوتي خيراً منه فقد حقّر ما عظمه الله» ‮قنوت ليلة وعَنْ‮ ‬تَمِيمٍ‮ ‬الداريّ‮ ‬رضي‮ ‬الله عنه قال‮: ‬قَالَ‮ ‬رَسُولُ‮ ‬اللَّهِ‮ ‬: «من قرأ بمئة آية في‮ ‬ليلة كتب له قنوت ليلة».‮ونلاحظ هنا البناء الشرطي وهو التعبير بأداة الشرط‮ (‬من‮) ما ‬يجعلنا مترقبين فعل الشرط وجوابه وفعل الشرط‮ هو (‬قرأ‮) ‬وجواب الشرط‮ (‬كُتب له‮).‬‮ونلاحظ أن قوله‮ صلى الله عليه وسلم (‬بمئة آية‮) ‬يعطي لنا تفاوتاً في الخيرية، فهذا العدد القرآني له إيقاع خاص، وهو مستوى من الأداء الإيماني الرفيع، فمن قرأ بأقل من هذا العدد لا‮ ‬يبلغ‮ ‬منزلة القانتين‮.‬‮وقوله‮: «كُتب‮» يشير إلى تحقيق الجزاء مباشرة‮. ‬والكتابة هنا‮ ‬لا توحي بتسجيل الأعمال فقط بل بسرعة عطائه‮ ‬سبحانه‮.‬‮‬وكلمة‮ «‬ليلة‮» ذكرت مرتين وربط ذلك بالقنوت وقد خص الليل بالقنوت لخصوصية استحضار القلب في الليل بما فيه من خشوع وتضرع، و«القنوت‮» ‬هي من الكلمات القرآنية‮ «أَمَّنْ‮ ‬هُوَ‮ ‬قَانِتٌ‮ ‬آنَاءَ‮ ‬اللَّيْلِ‮ ‬سَاجِدًا وَقَائِمًا‮ ‬يَحْذَرُ‮ ‬الْآخِرَةَ‮ ‬وَيَرْجُو رَحْمَةَ‮ ‬رَبِّهِ‮» (‬الزمر‮:‬9‮)‬.‬ومن أعظم ما‮ ‬يتحلى به المؤمن حين‮ ‬يتلو القرآن الخشوع، والوقار، والسكينة امتثالاً‮ ‬وطاعة، لقول الله عز وجل‮: «‬لو أنزلنا‮ ‬هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً‮ ‬متصدعاً‮ ‬من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم‮ ‬يتفكرون‮». (‬الحشر‮: 12). تجارة لن تبور ‮ إن القرآن الكريم‮ ‬يبشر قارئيه بأنهم أصحاب تجارة صالحة تدر عليهم الكثير من الفضائل والثواب من الله سبحانه وتعالى الذي‮ ‬يقول في كتابه الكريم‮:‬‮«‬إِنَّ‮ ‬الَّذِينَ‮ ‬يَتْلُونَ‮ ‬كِتَابَ‮ ‬اللَّهِ‮ ‬وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ‮ ‬وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ‮ ‬سِرّاً‮ ‬وَعَلَانِيَةً‮ ‬يَرْجُونَ‮ ‬تِجَارَةً‮ ‬لَنْ‮ ‬تَبُورَ‮ ‬لِيُوَفِّيَهُمْ‮ ‬أُجُورَهُمْ‮ ‬وَيَزِيدَهُمْ‮ ‬مِنْ‮ ‬فَضْلِهِ‮ ‬إِنَّهُ‮ ‬غَفُورٌ‮ ‬شَكُورٌ‮» (‬فاطر: 29 - 30 ).‮وفي هذا السياق أيضا‮ ‬يقول‮ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ‮ ‬قَامَ‮ ‬بِعَشْرِ‮ ‬آيَاتٍ‮ ‬لَمْ‮ ‬يُكْتَبْ‮ ‬مِنَ‮ ‬الْغَافِلِينَ، وَمَنْ‮ ‬قَامَ‮ ‬بِمِائَةِ‮ ‬آيَةٍ‮ ‬كُتِبَ‮ ‬مِنَ‮ ‬الْقَانِتِينَ، وَمَنْ‮ ‬قَامَ‮ ‬بِأَلْفِ‮ ‬آيَةٍ‮ ‬كُتِبَ‮ ‬مِنَ‮ ‬الْمُقَنْطِرِين‮ ».«من قام بعشر آيات‮»..‬ أي قرأ عشر آيات في صلاته على التدبر والتأني.‬قال ابن حجر‮: «‬أي ‬يقرؤها في ركعتين أو أكثر والواضح أنه من‮ ‬غير الفاتحة‮، وكذا تحصل بقراءة الفاتحة، وهى سبع آيات وثلاث بعدها فتلك عشرة كاملة‮ ‬لَمْ‮ ‬يُكْتَبْ‮ ‬مِنَ‮ ‬الْغَافِلِينَ‮ أي‮: ‬لم‮ ‬يثبت اسمه في صحيفة الغافلين‮».‬‮«‬وَمَنْ‮ ‬قَامَ‮ ‬بِمِائَةِ‮ ‬آيَةٍ‮ ‬كُتِبَ‮ ‬مِنَ‮ ‬الْقَانِتِينَ‮»‬، أي: المواظبين على الطاعة والقيام فالقنوت‮: «‬هو الطاعة والقيام»‮.‬ قال الطيبي: ‬«أي من الذين‮ ‬قاموا بأمر الله ولزموا طاعته وخضعوا له».‮‬إن قراءة القرآن في كل وقت لها مزايا وفضائل، وأعلاها أن تكون في الصلاة ولا سيما في الليل، قَالَ‮ ‬تَعَالَى‮ «إِنَّ‮ ‬نَاشِئَةَ‮ ‬اللَّيْلِ‮ ‬هِيَ‮ ‬أَشَدُّ‮ ‬وَطْئًا وَأَقْوَمُ‮ ‬قِيلًا»، (‬المزمل‮: 6).«وَمَنْ‮ ‬قَامَ‮ ‬بِأَلْفِ‮ ‬آيَةٍ‮»: ‬قال ابن المنذر‮: «‬مِنَ‮ ‬الْمُلْكِ‮ ‬إِلَى آخِرِ‮ ‬الْقُرْآنِ‮ ‬أَلْفُ‮ ‬آيَةٍ‮. ‬كُتِبَ‮ ‬مِنَ‮ ‬الْمُقَنْطِرِين‮ » ‬أي‮: ‬«من المكثرين من الأجر مأخوذ من القناطير، وهو المال الكثير. ‬‮ومن السمات البلاغية في الحديث أن تنوعه الأسلوبي‮ ‬يأخذنا إلى مجال أرحب في سعة رحمة الله تعالى، والتدرج في الجزاء وفق عمل المسلم واضح فيه‮.‬ ويتضح في (‬من قام بعشر آيات لم‮ ‬يكتب من الغافلين) أنه كتب من الذاكرين، ثم‮ (‬من قام بمائة آية كتب من القانتين أي: الخاشعين لله بقلوبهم وجوارحهم، ثم‮ (‬ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين‮).‬ ونلاحظ هنا أنه كلما زاد المرء في العمل، والتلاوة، وقيام الليل، زيد له في الأجر والنعيم‮.‬‮ ‬وأيضا أعطى الجانب الصوتي الأدائي الحديث قوة، فالجمل بينها ترابط معنوي (‬الغافلين‮، القانتين‮، المقنطرين‮).‬

مشاركة :