بعض المسلمين – ويا للأسف – لا يقرؤون القرآن الكريم ، كتاب الله الخالد والمعجزة ، وإذا قرؤوه فإنهم يكتفون بقراءة بعض سوره القصيرة في الصلاة كالفاتحة والإخلاص والفلق والناس، مع أن الله سبحانه وتعالى أمرنا بقراءة القرآن في كل وقت وحين وتدبر آياته وسوره والتعمق في فهم معانيها وأسباب نزولها والحكمة من ورائها.. يقول الحق سبحانه وتعالى: «أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها». ومن الأدلة على فَضْل قراءة القرآن الكريم وصف التالين له بالإيمان فقد وردت الكثير من الآيات التي تدلّ على فَضْل قراءة القرآن الكريم، ومنها: قَوْل الله تعالى: «الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ». ومن فضل قراءته الحرز والحماية لقَوْل الله تعالى: «وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً»، وقد فسّر الإمام القشيريّ الآية بحِفظ الله تعالى لقارئ القرآن الكريم في الدنيا والآخرة وتولّيه بمنع الأيادي الخاطئة من الوصول إليه. ومن فضائل قراءة القرآن الكريم نَيْل ما وعد الله تعالى به عباده من الأجر والثواب ونعيم الجنّة لقَوْله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ.لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ». وقد فسّر الإمام البغويّ الآية الكريمة بأنّ قارئ القرآن الكريم يرجو تجارةً لن تفسد، وهي وعد من الله تعالى له بالأجر والثواب، وذهب ابن عباس رضي الله عنهما إلى أنّ الزيادة في الفَضْل تعني: «الثَّوَابِ مِمَّا لَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ». أما فَضْل قراءة القرآن والأدلّة عليه من السنّة النبويّة فقد وردت الكثير من الأحاديث التي تُبيّن عِظَم فَضْل قراءة القرآن الكريم، ومنها مُضاعَفة الثواب فقد ثبت في السنّة النبويّة أنّ الله تعالى يُضاعف أجر قارئ القرآن الكريم، لما ورد عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ ولام حرف وميمٌ حرفٌ». ومنها نَيْل مرتبة السَّفرة الكرام البَرَرة فمن الأحاديث النبويّة الشريفة التي تدلّ على فَضْل قراءة القرآن الكريم ما ورد عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «الْماهِرُ بالقُرْآنِ مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، والذي يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وهو عليه شاقٌّ، فله أجْرانِ». فقد أكرم الله تعالى قارئ القرآن الكريم الحافظ المُتقِن للأحكام برَفع مكانته يوم القيامة، وجَعله مع السَّفَرة البَرَرة؛ وهم: الرُّسُل؛ لأنّهم يُسفرون إلى الناس برسالات الله تعالى، والبَرَرة هم المُطيعون، إذ إنّ البِرّ هو الطاعة، ولا يقتصر الفَضْل للمُتقِن الماهر بقراءة القرآن الكريم فقط بل يشمل قارئ القرآن الذي يجد صعوبةً أثناء القراءة فقد أكرمه الله تعالى بأجرَين؛ أجر القراءة، وأجرٌ بسبب المَشقّة التي يجدها في التلاوة. وممّا يدلّ على نزول الملائكة للاستماع إلى قارئ القرآن المُخلص في قراءته ما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَه». ومن فضائل قراءة القرآن نَيْل الشفاعة يوم القيامة لِما ورد عن أبي أمامة الباهليّ رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ». ومنها ِعظم القَدْر فقد ثبت في الحديث الصحيح أنّ لقارئ القرآن الكريم المُخلص بقراءته لله تعالى قدراً عظيماً في الدُّنيا والآخرة، لِما ورد عن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ التَّمْرَةِ، لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُها طَيِّبٌ وطَعْمُها مُرٌّ، ومَثَلُ المُنافِقِ الذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ، كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، ليسَ لها رِيحٌ وطَعْمُها مُرٌّ».
مشاركة :