تدرس رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إمكانية طرح اتفاق "بريكست" على التصويت للمرة الرابعة داخل مجلس العموم، بعد تزايد المخاطر باحتمال خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي "من دون اتفاق" في غضون أقل من أسبوعين. وبحسب "الفرنسية"، رفض النواب البريطانيون أول أمس للمرة الثالثة اتفاق "بريكست"، لكن بنسبة تقل عن المرتين السابقتين في كانون الثاني (يناير) ومطلع الشهر الجاري. وقال براندون ليويس رئيس حزب المحافظين "نعتقد أن أفضل طريقة لاحترام الاستفتاء هي تمرير الاتفاق". منوها بالدعم المتزايد للاتفاق رغم خسارة التصويت، أفاد المتحدث باسم ماي "على الأقل نحن نسير في الاتجاه الصحيح". يجتمع البرلمان غدا لدراسة تغييرات مقترحة للاتفاق قد تضمن تمريره في الطرح الرابع، من بينها وجود ضمانات على علاقات اقتصادية أوثق مع الاتحاد الأوروبي بعد "بريكست". وتعارض الحكومة مراجعة استراتيجيتها بشأن "بريكست"، وأشارت ماي إلى أن أي خيارات تستلزم أولا الموافقة على الاتفاق الذي يتضمن تفاصيل الطلاق بين لندن وبروكسل. ويتيح اتفاق "بريكست" الذي توصلت إليه ماي بعد مفاوضات استمرت 18 شهرا مع بروكسل فترة انتقالية كبيرة ستحافظ في شكل مؤقت على الوضع الراهن لمنح الأشخاص والشركات الوقت الكافي للتكيف مع العلاقات المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. وبعد ثلاث سنوات من تصويت البريطانيين لمصلحة مغادرة الاتحاد الأوروبي في استفتاء تاريخي، تعثرت العملية برمتها إثر خلاف كبير بين الحكومة والبرلمان. وتجمع آلاف المحتجين خارج مقر البرلمان أول أمس ملوحين بأعلام ومتهمين النواب بخيانة "بريكست"، وحمل بعضهم لافتات تقول "أعيدوا مملكتنا" و"حرروا بريطانيا الآن". ويعارض مؤيدو "بريكست" في حزب ماي الاتفاق لاعتقادهم أنه لا يقطع العلاقات في شكل كاف مع بروكسل، فيما يريد "مؤيدو البقاء" في التكتل علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي. كما أن البعض الآخر يرغب في أن تتوقف عملية "بريكست" برمتها، وذكرت نيكي مورجان النائبة المحافظة والوزيرة السابقة، أن البلاد ربما تكون بحاجة إلى حكومة إنقاذ وطني لتجاوز المأزق المعقد، مضيفة "لقد كانت هناك فترات في تاريخنا شهدت حكومات وحدة وطنية أو ائتلافا من أجل قضية محددة للغاية". وكان من المقرر أن تخرج بريطانيا من الاتحاد في 29 آذار (مارس)، فيما أسماه البعض "يوم الاستقلال"، لكن ذلك تعطل إثر فوضى وخلاف في البرلمان البريطاني، ما دفع بماي الأسبوع الفائت إلى طلب مزيد من الوقت. وهي الآن بحاجة إلى شرح الخطوات المقبلة بعد أن دعا دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي إلى قمة في بروكسل في 10 نيسان (أبريل) المقبل. لكن رفض الاتفاق مجددا يفرض عليها إعداد خطة جديدة بحلول 12 نيسان (أبريل) تتضمن خيارات من بينها "بريكست" من دون اتفاق أو تأجيل طويل الأمد. وقالت ماي في وقت سابق "إنه من غير المقبول أن تطالب الناخبين بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية الأوروبية المقبلة، بعد ثلاث سنوات من تصويتهم في استفتاء لمصلحة مغادرة الاتحاد الأوروبي". وصوت النواب مرارا ضد خيار "لا اتفاق" خشية حدوث فوضى كارثية إذا قطعت بريطانيا علاقاتها بأقرب شريك تجاري لها دون خطة. وإثر التصويت، أوضح رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار أن الخروح دون اتفاق بات "احتمالية متزايدة". وذكرت صحيفة صن البريطانية أن تيريزا ماي تتعرض لضغوط متزايدة من داخل حزبها "المحافظين" لتقود بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر القليلة المقبلة حتى إن كان ذلك يعنى الخروج دون اتفاق. وأضافت الصحيفة أن "خطابا أرسل إلى ماي يحمل توقيع 170 من النواب المحافظين في البرلمان، الذين يبلغ عددهم 314 نائبا"، وذكرت الصحيفة أن عشرة من الموقعين على الخطاب وزراء. ونقلت صحيفة "صن" عن وزير مؤيد للخروج قوله "نريد مغادرة الاتحاد الأوروبي يوم 12 أبريل أو بعد ذلك بقليل". وسيحاول النواب غدا الاتفاق على خطة بديلة للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، ومن بين الخيارات التي حظيت حتى الآن بأكبر تأييد وجود علاقات وثيقة بالاتحاد الأوروبي وإجراء استفتاء ثان. وقال براندون لويس رئيس حزب المحافظين "إن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، لكن تشكيل اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي سيكون صعبا، وهي فكرة يدعمها حزب العمال المعارض وبعض المحافظين". وعندما سئل عما إذا كانت ماي قد تحاول إجراء تصويت رابع في البرلمان على اتفاقها الخاص بالانسحاب، قال لويس "علينا النظر إلى ما يمكننا فعله في الخطوة التالية وعلينا أن نفعل شيئا مختلفا.. سيواصل البرلمان العملية غدا ويتعين أن ننظر في جميع الخيارات". وأشار لويس إلى أن تشكيل اتحاد جمركي يتناقض مع تعهدات المحافظين قبل الانتخابات العامة في 2017 ولا يحترم نتيجة استفتاء عام 2016 على الخروج من الاتحاد الأوروبي. وردا على سؤال عما إذا كان إجراء انتخابات جديدة يعد سبيلا للخروج من الأزمة، أوضح لويس أنه لا يعتقد أن الناخبين يريدون العودة إلى مراكز الاقتراع.
مشاركة :