سنوات من التجاهل والتعالي والتهميش من جانب الحكومات المصرية في التعامل مع القارة السمراء، وخاصة دول حوض النيل، تحديدًا منذ محاولة اغتيال الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995م، مما اعتبره أبناء القارة انسلاخًا من القرب لهم وخلع جلباب الانتماء المصري الإفريقي؛ ومما دفع دول حوض النيل لأخذ موقف والبحث عن تعاون مشترك فيما بينهم، وربما تعارض ذلك التعاون أحيانًا مع المصالح الدولية لمصر والمصريين.حينها أدرك المسؤولون في مصر أن الأمر يحتاج إلى شيء من التهدئة وكسب الود والقرب الإفريقي مرة أخرى، وإحياء وتحسين العلاقات المهملة مع أبناء النيل المهمشين.فقد كان للرياضة وكرة القدم النصيب الأكبر في المساهمة في تقريب الشعوب ووجهات النظر السياسية بين الحكومات وتعميق العلاقات، فقررت مصر إقامة بطولة دول حوض النيل، وهي بطولة ودية دولية في كرة القدم تجمع منتخبات دول حوض النيل، على أن تقوم مصر باستضافتها سنويًا و بموعد محدد من كل عام.وبالفعل نجحت مصر في إقامة أول نسخة من البطولة الوليدة والتي لاقت قبولًا وترحيبًا من الجانب الإفريقي، واعتذر البعض أيضًا عن المشاركة ، واستضافت مدينتا القاهرة والاسماعيلية الحدث الرياضي في يناير 2011، واستطاع المنتخب المصري حصد اللقب الودي الدولي بالفوز على المنتخب الأوغندي بثلاثة أهداف مقابل هدف.ومنذ إقامة أول نسخة من البطولة وحتى الآن توقفت انطلاقتها، وخملت التجربة الوليدة لغرس المودة والتقارب الإقليمي الرياضي وأصبح النسيان هو الحكم لهذه للتجربة بالرغم من أهميتها في صناعة جسر الترابط النيلي و نزع فتيل الفتنة التي دخلت أو أدخلت على العلاقة بين مصر وجيرانها من حوض النهر العظيم والخالد .لا ننكر أن الظروف المصرية تأرجحت فترة بسبب عدم الاستقرار الداخلي والخارجي عقب ثورة يناير وما تبعها من أحداث رياضية مؤسفة وغيرها من الأحداث المتعاقبة، والذي أثر على كثير من المنظومات، وعلى شكل وأسلوب الحياة وقتها.لكن الآن و مع الإستقرار والهدوء في الشارع المصري، والنهوض الرياضي القارّي والترؤس المصري للاتحاد الإفريقي، واستعادة الريادة والزعامة المصرية القارية وبدء التعاون مع دول النيل في عدة مجالات اقتصادية وسياسية، وعودة الثقة المفقودة لديهم من الجانب المصري بشيء من الإهتمام.فقد حان الوقت للعودة والاهتمام بالجانب الرياضي بيننا وبين أبناء النيل والذي يتمثل في عودة الروح للبطولة الخاملة والمتوقفة منذ سنين، والتي بدورها سوف تحيي العلاقة والتوأمة والترابط بيننا وبين أبناء الجيران من حوض النيل وتشعل حماس المنافسة الرياضية بداخلهم، خاصة وأن هذه الدول نضجت وارتفعت مستوياتها وتقدمت كرويًا بالفكر والنضوج الاحترافي لكثير من لاعبيها في الفرق الأوربية والعالمية والتي أصبحت لا يستهان بهم كرويًا، فإن لهم ولنا الإفادة والاستفادة من هذا الاحتكاك وتلك المشاركات.إننا مقبلون قريبًا على حدث عظيم وعرس إفريقي كبير وهو كأس الأمم الإفريقة بتنظيم مصري عن ريادة و استحقاق وجدارة تصويتية.فهل نستطيع بعدها الإعلان عن العودة والإحياء من جديد لبطولة أبناء النيل المتوقفة وترويض العصيان الإقليمي؟
مشاركة :