ولد الإنسان وبداخله موهبة من صنع الخالق سبحانه وتعالى ، وتظل هذه الموهبة مدفونة حتى يأتي من يكتشفها ويقوم بتوظيفها وإخراجها إلى النور ويحولها إلى واقع مفيد ونافع للشخص نفسه وأهله ، وقبل كل ذلك وطنه ومجتمعه .إن الموهبة الرياضية واحدة من أهم و أكثر المواهب طلبا ورغبة في تلك الأيام خاصة في مرحلة الصغر حيث الاكتشاف والتوظيف الجيد لعقولهم وأمنياتهم ، والتي يحلمون بامتلاك موهبة تجعلهم في المستقبل القريب أشخاصا محبوبين ومشهورين .ففي كل يوم تظهر مواهب كثيرة متمنية ميلادا جديدا ، ولكن لا تجد تلك المواهب الرعاية الكاملة من متخصصي الاكتشاف والتنقيب بدقة واهتمام مناسب ، فأغلبها تدفن وتنتهي قبل أن تكتشف.وهنا يأتي السؤال: من المسؤول عن إخراج تلك الموهبة واكتشافها مبكرا في مراحل الطفولة؟ هل هي الأسرة المحيطة؟ أم هي المدرسة بصفتها الوعاء الذي ينصب فيه الأبناء بشخصيتهم وأفكارهم ومواهبهم المدفونة ؟ أم المجتمع المحيط بنا بمراكزه وتخصصاته المختلفة؟.والحق أن الوزر مشترك بين كل من الأهل أولا للتكاسل والإهمال للطفل وعدم الملاحظة والاهتمام بهوايته وشغفه للعبة معينة .أيضا للمدرسة دور كبير ومهم إذا تحدثنا عن الموهبة وسُبل البحث عن الموهوبين والتي تعتبر وعاء الاكتشاف وبيت الترميم للشخص والشخصية والرعاية للطفل ، وهي الجمع والاحتضان وتكوين الفكر والنشاط الرياضي على أيدي متخصصي الأنشطة والتربية الرياضية في تلك المدارس والمؤسسات التعليمية كافة .بل هي الوسيلة الأسرع ، والأفضل للتوجيه والاكتشاف لجميع المواهب سواء رياضية او غيرها من المواهب الإبداعية .لذا نوصي بالاهتمام بالنشاط الرياضي بل وبزيادة حصص وفترات التدريب الرياضي من جانب الإدارات المعنية.وهنا تأتي فائدة جديدة تضاف إلى الاكتشاف للمواهب وهي النشاط البدني لجميع الطلاب والصحة العامة والتعلق بالأنشطة الرياضية ، وتجنب طريق الانحراف و التفكير السلبي .ونختم عوامل الاكتشاف بعنصر مهم مرتبط بالتخصص في التنقيب والبحث عن الموهبة تحديدا وهو عنصر ( الكشافون ) .والكشافون هم مجموعة مختصة ومكلفة من قبل الأندية والمراكز الرياضية تقوم بالبحث وعمل اختبارات وفحص للمواهب الشابة .هؤلاء الكشافون يتعلق بأعينهم و تركيزهم ورؤيتهم الكثير من الأجيال والتي تقع تحت أيديهم في اختبارات رياضية سواء كانت كرة قدم أو غيرها من ألعاب جماعية أو فردية ، ومن ثم يولد على أيديهم مواهب واكتشافات للتاريخ، ويحبط ويهدم على أيديهم الكثير أيضا، وذلك لسوء التنظيم والإهمال في الاختبار ، وعدم التركيز والرعونة والتسرع في الحكم على مستوى الطفل او الشاب المختبر بين أيديهم .وعلى سبيل المثال وليس الحصر في صعيد مصر وتحديدا محافظة سوهاج ، هل يعقل أن يتم اختبار أكثر من 250 فردا في كرة القدم في أقل من ساعتين يتخللهما بيع استمارة الاختبار ( اولا ) وتقسيمات سريعة الوقت وتزاحم على الكرة وكشافون يحكمون على المستوى المهاري خلال دقائق كفيلة بهدم حلم وقتل موهبة .وما أذكره ليس بجديد على طريقة الاكتشاف والاختبار في مجتمعنا فبالإهمال قيل للنجم العالمي محمد صلاح في أول اختبار له (لا تصلح ) وبالمثل رمضان صبحي( غير لائق) ، وغيرهما كثير من المواهب تعرضوا لمحاولة قتل مواهبهم الكروية بشكل غريب، والأغرب من ذلك أنها تحت أعين الاختبار والاكتشاف الرياضي الكروي .وعلى العكس مقارنة بأسلوب الرعاية والاكتشاف في مجتمعات ترعى وتكتشف وتنقب بمنهجية وتدقيق نذكر الأسطورتين ( ميسي و رونالدو ).( ليونيل ميسي) كان طفلا مريضا بمرض نقص هرمون النمو وهو مرض خطير ، وكان محط سخرية من أقرانه بسبب جسمه الضئيل الذي لا يقوى حتى على التصويب الجيد والجري السريع ، لكن كان بداخله الموهبة وتم اكتشافه وتبنيه من قبل أكاديمية برشلونة من رعاية صحية و رياضية حتى يصبح الأسطورة الحالية .كذلك النجم ( كريستيانو رونالدو) الذي باع البطاطا في شوارع البرتغال بسبب فقر عائلته الشديد . لكن توسمت أكاديمية مانشستر يونايتد الموهبة الشابة وقررت انتشاله من فقره الى أمجاد انجلترا ، وأصبح البطل صاحب الألقاب . إن الموهبة و الموهوبين كنز وثروة عائمة وسط ملاعبنا ، وبين شبابنا تحتاج فقط الى التنقيب بالعين والعقل لاكتشافها .لذلك يجب علينا قبل أن نسعى في البحث واكتشاف وتنمية مواهبهم ، علينا أن نحاكم من يقتلهم، ويغتال أحلامهم .
مشاركة :