بين الحياة الأكاديمية التي تلقي بظلالها على النتاج الأدبي والفني، وكل ما تأخذه بعين الاعتبار من المدارس إلى الطرق فالقواعد والتقييم الحاد لما هو مقبول من عداه، وبين ما تفرضه الحياة بكل متغيراتها متمثلة بجيل الشباب.. من يسد هذه الهوّة؟ خلال فعاليات البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض الكتاب لهذا العام، وعلى الرغم من المحاولات الواضحة لخلق مدى أكثر سعة مما كان في السابق وتنوعًا أكبر فيما يتعلق بالعناوين والأسماء، إلى أن المشكلة الأساس بقيت هي السائدة وما زال جيل واحد ومدرسة واحدة لهما نصيب الأسد من كل ما يطرح. ألا يشكل الانفتاح على الآخر حجر الأساس في تعاطينا مع الفن بكل أشكاله؟ ألا يتميز الفن بألا شكلًا واحدًا يختزله ولا حدودًا تقيده؟ أليست واحدة من واجباتنا - الآن على القليلة- أن نترك الفن حرًا ونختبر أوجهه المختلفة؟ حتى نصل لما يشبهنا ونميل لاعتباره رسولنا الأسمى.. أسئلة كثيرة خطرت على البال حين تم استقبال سؤال أحد الحضور على هامش إحدى الندوات الثقافية القائمة على هامش معرض الكتاب، ماذا لو دمجنا تراثنا الموسيقي بطريقة مدروسة بالتراث العالمي مستفيدين من التجربة الفارسية؟، باستنكار كبير من أكاديميين قاطعين بذلك الطريق أمام تجربة لم تختبر كما يجب، إذ تكاد تتساوى في هذه الحالة نسب نجاحها مع فشلها. هذا الرفض الصريح - والمستمر - لكل ما يتبناه الشباب من أفكار جريئة اتجاه الفن، وقد تصنف كدخيلة، يزيد من عمق الهوة التي كان علينا وبعد سنوات طويلة، وصولات عديدة، أن نتجاوزها. يمثل مهرجان أفلام السعودية، الذي حل في دورته الخامسة هذا العام، انفتاحًا واسعًا على ما يمكن للشباب أن يفعله، اختباراتهم فيما يتعلق بالفن، اكتشافاتهم للطرق المختلفة وما تؤول إليه، التجريب بأسمى قيمه. أجيال ورؤى مختلفة، مدارس متفرقة، أكاديميون وهواة، لأجل الفن ولا شيء عدا الفن.. هذا ما صنع الفارق، بجانب الجهود الواضحة من أحمد الملا وفريقه. كما تأخذ تجربة اليمامة الحالية، منحى مقاربًا بإيمانها بالشباب وتجاربهم. تجربة تزداد عمقًا وتنوعًا بفضل عدة أجيال تقف في جبهة واحدة. وفي الوقت الراهن، المشهد الثقافي والفني المحلي في أمس الحاجة لخطوات حقيقية تضعنا على الخارطة.. فلينجز كل في مجاله.
مشاركة :