لا تقل قل ولا تقل

  • 4/6/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

عبداللطيف الزبيدي أينك يا مصطفى جواد؟ لقد كنت تحارب الأخطاء اللغوية على الأرض، اليوم تطوّرت الأمور، صارت الأجواء تمطر لحناً. لعلك تنبّأت بأن شوائب النطق ستأتي محمولة جوّاً، مجوقلة، فكنت تحاربها عبر الترددات والذبذبات الإذاعية، في برنامجك الرائع «قل ولا تقل». كل العرب يعرفون أن العربية بخير في العراق، بل إن أعظم صروح علوم «الضاد» شيدت على ثرى وادي الرافدين، ولكن القلم اقتنص طرفة الساعة، ليطرح معاناة العربية بشكل عام في العالم العربي. العراقيون كانوا أوّل الساخرين، في وسائط اللاّتواصل، من المنشور الذي ألقته طائرات الجيش العراقي، مبشّرة بمكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يُدلي بمعلومات عن جحر البغدادي. أخطاء الإعلان زلزلت مراقد نحاة التاريخ العربي، فظنوا أن المنشور نشور. بعيد أن يكون مستشار عسكري أجنبيّ حرّر النص، مثلما حرّر ذلك الإمبراطور ما بين النهرين، لأن نكران الجميل لدى المحتلّ لا يبلغ حدّ الإضرار برفيق درب تدمير كرأس الأفعى «الداعشية». كما أن «إسرائيل» لا تسمح بالنيل حتى من شعرة في مفرق إبراهيم عوّاد، «يا معوّد». اللغز المحيّر، هو: كيف تخلى «بريمر» عن هذا المبلغ؟ نسينا حديث أخطاء العربية، جرفتنا سيول الأخطاء العربية الأفظع. هول الضربات السياسية والتدميرية التي تلقتها البلدان، صرف الأذهان عن مشاهد الخراب الثقافي واللغوي. أيّ فاجعة هذه: منذ الاحتلال إلى يومنا هذا، أضيف إلى أميّي العراق أكثر من خمسة ملايين عراقي، فكم من طاقات وكفاءات ومواهب وخبرات وتخصصات ضاعت على طريقة: «أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا..ليوم كريهة وسداد ثغر»، أليست التنمية والتقدم ورفع الهامات في ميادين التنافس الحضاريّ، حروباً في سبيل القمم الشمّاء؟ ماذا كان يقول ذلك العظيم التركماني العراقي الراحل، د. مصطفى جواد، لو كان بيننا اليوم وسمع العرب كيف يلوون عنق لغتنا كتابة ونطقاً؟ لو كان بيننا اليوم لأعرض عن إعداد برنامجه قائلاً لنفسه: لا تقل قل ولا تقل. لزوم ما يلزم: النتيجة الانقلابية: الأخطاء الشائعة كان القدامى يسمونها أوهام العوام، صار اليوم تصحيحها ضرباً من الأوهام؟ abuzzabaed@gmail.com

مشاركة :