القوة الناعمة في الدراما البحرينية

  • 4/6/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لقد غدت القوة الناعمة اليوم أسلوبا مهما في التأثير على العقول وكسب العواطف ومعرفة سلوك الشعوب واتجاهاتها وميولها، وبات فن تحويل الموارد إلى قوة ملموسة تعمل على تحقيق الاهداف والنتائج المنشودة وفق استراتيجيات مصممة بشكل جيد وفعال وبمهارة قيادية عالية للغاية، ولم يتوقف تأثير القوة الناعمة عند هذا الحد، بل تجاوزه لمعالجة الأزمات والتحديات الدولية التي تواجه الدبلوماسية الرسمية، فكانت قوة دعم ومساندة في عدد من القضايا، ومهدت لإبرام الاتفاقات والمعاهدات الاقتصادية، وإنشاء التحالفات على مستوى الدول، كما تعد القوة الناعمة في الوقت الحاضر أداة أساسية لزيادة النفوذ والحضور الفاعل القائم على استراتيجية تعزيز سمعة الدولة وصورتها الذهنية ومكانتها على المستويين الإقليمي والعالمي. تعتبر مملكة البحرين من الدول الصغرى في العالم من حيث المساحة وعدد السكان ولكنها تحمل نموذجا من الممكن أن يميزها بين دول العالم، حيث تملك البحرين التاريخ العريق والحاضر المزدهر المبني على نهضة وتقدم سبقت بها جيرانها بفضل التعليم المبكر الذي انطلق فيها وبفضل رؤية قيادتها الرشيدة وشعبها المجد والذي يحمل من القيم الكثير والكثير، وبالتالي بات للبحرين قوة ناعمة نابعة من نموذج مميز يستحق التسويق وجذب الانظار إليه، وفِي هذا المقال سنركز على جانب واحد من القوة الناعمة البحرينية وهو جانب الدراما. حيث استطاعت الدراما البحرينية نقل التراث والهوية والسمات البحرينية من خلال سلسلة مسلسلات صنعها طاقم بحريني متكامل من حيث الإخراج والتمثيل وغيرهما، مثل مسلسل البيت العود وسعدون وحزاوي الدار وغيرهما من المسلسلات الحديثة حتى تصدرت هذه المسلسلات الشاشات العربية وشاهدها عدد كبير من المشاهدين عرفوا من خلالها الابداع البحريني وما وصلت إليه البحرين من تطور وازدهار وبالتالي تم تسويق البحرين وما تتميز به، وهذه قوة ناعمة تتأثر بها الشعوب وتكون اقرب للبحرين وشعبها من خلال معرفتهم القريبة. كذلك بات الفنان والمخرج والمصور والممثل البحريني مطلوبا في خارج البحرين لمهنيته وإبداعه وحرفيته في العمل، وهذا يعكس صورة البحريني ومدى جديته وتفانيه. وتُعد تركيا من الدول التي تمكنت من الترويج لقطاع السياحة عبر المسلسلات المدبلجة، ويقول أكاديميون أتراك إن المسلسلات التركية يتم تصديرها إلى 102 دولة حول العالم، وتأتي الدول العربية في مقدمة المستوردين لها. وتمتاز الدراما التركية بالاهتمام بالشكل، من أماكن التصوير الجذابة، إلى اختيار الممثلين، وتطرح قضايا تمس عاطفة المتلقي كالمواضيع الرومانسية، ويبدو أن لهجة الدوبلاج المحكية السورية لعبت دورًا في تقبل المشاهد العربي لها، وهي اللهجة ذاتها التي تم تقديم الدراما السورية الناجحة من خلالها. ولا تغفل الدراما التركية الترويج للمناطق السياحية، التي نشطت بعد عرض هذه المسلسلات وباتت قبلة للسياح العرب. ويَعتبر بعض المهتمين بالفن أن نشر أي بلد لمشروعه الثقافي أمر مشروع، إلا أن آخرين يرون أن انتشار المسلسلات التركية في العالم العربي ناتج عن تخصيص ميزانيات هائلة للترويج لها، واستغلال الأتراك للاتفاقيات السياسية والاقتصادية مع هذه الدول للترويج للنهج التركي الذي يستعدي منا نموذجا ومشروعا دراميا متكاملا ينافسه ويسوق قيمنا وعاداتنا للجميع. وكذلك كانت ومازالت الدراما والسينما المصرية حيث تعلمنا منها اللهجة المصرية والعادات والتقاليد وتعرفنا على السياحة المصرية وأحببنا الشعب المصري البسيط وتعاطفنا معه، كل ذلك كان من خلال الفن المصري الذي عرفناه من الصغر ومازلنا متعلقين به وبمصر وشعبها. وكذلك هو الفن الكويتي المتميز عرفنا بالكويت وأهلها وثقافتها وجمالها وما تتميز به من مبدعين في شتى أصناف الفنون. ختاما، نتمنى الاهتمام بالدراما البحرينية وروادها بدعم حكومي للإنتاج الدوري للمسلسلات التي تبين قيم البحرين وموروثها وما تشهده من تطور ونماء رغم التحديات وتساهم في الرقي بالفكر والأخلاق والقيم وتجمعنا حول اهداف ومبادئ واحدة.

مشاركة :