الدراما الهادفة والقوة الناعمة

  • 4/19/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

فى منتصف الثمانينيات قام وزير الثقافة الراحل محمد عبد الحميد رضوان بمنع عرض أفلام درب الهوى وخمسة باب حفاظا على تقاليد وآداب المجتمع والمنزل المصري. أما اليوم فنشاهد بعض الأعمال الدرامية التى تدعو للانحدار الأخلاقى والفكرى وتدعو إلى عادات وتقاليد لا تناسب المجتمع المصرى ولم يحرك أحد ساكنا رغم أن من مهام وزارة الثقافة الحفاظ على تراث وعادات وتقاليد وثقافة الوطن أى الحفاظ على الهوية الوطنية، ودور وزارة الإعلام أيضا تبصير الشعب! فالفن كما نعلم رسالة، وليس كما يحدث اليوم من البعض إنتاج أعمال درامية الهدف منها الربح!حتى الإعلانات أصبحت تدعو للنفور وكثرة الإعلانات داخل المسلسل أصبح شيئا مبالغا فيه فأصبحنا نشاهد إعلانات وفواصل درامية وليس عملا دراميا به فواصل إعلانية! فالفن قديما كان مصدرا من مصادر الأحكام والتشريع، فكما شاهدنا فى العديد من الأفلام التى كان لها دور أساسى فى لفت نظر المُشرع لقضية ما تستوجب تعديل للتشريع وصدور قانون لمعالجتها. وبالفعل نجحت الدراما فى ذلك كما شاهدنا فى فيلم أريد حلًا الذى بسببه تم إصدار قانون يُنصف المرأة، وأيضًا فيلم جعلونى مُجرمًا الذى صدر قانون لصالح المتهم ينص على الإعفاء من السابقة الأولى فى الصحيفة الجنائية حتى يتمكن المخطئ من بدء حياة جديدة!، فالقانون يتم تعديله سواء بحذف مواد أو تعديلها حتى يواكب الظواهر والجرائم المستحدثة، والفن ايضًا خير معلم للأجيال أو العكس قد يكون سببا فى انحدارها! والفن يلعب دورًا أيضًا فى تشجيع السياحة وجذب السياح عن طريق إظهار كل ما هو جميل فى مصر، كما عالجت الدراما العديد من القضايا المجتمعية فلنرجع للوراء قليلًا مسلسل الليل وآخره الذى ناقش قضية مهمة يتعرض لها الكثير يومًا تلو الآخر ألا وهى حرمان البعض من الميراث الشرعي. ونجد العديد من الأسر المهددة بقطع العلاقات فيما بينها بسبب الميراث، ناهيك عن حرمان المرأة من الميراث خاصة فى صعيد مصر! ومسلسل «قضية رأى عام» الذى ناقش مسألتى الاغتصاب والزنا، وفيلم الشقة من حق الزوجة، وفيلم «كلمة شرف»، تسببا فى إعادة النظر للحالات الإنسانية للسجناء المصريين. ومن ثمَّ تمت إعادة صياغة القوانين، واشتقاق قانون جديد يسمح للمسجون بزيارة أهله بضوابط محددة، خاصة أفراد عائلته الذين لا يستطيعون الحركة وزيارته فى السجن،كما أن فيلم جلسة سرية من وجهة نظرى كان له الفضل فى الكشف عن طريقة لإثبات النسب عن طريق dna. فالدراما تَطرح مشكلة من أرض الواقع بحثًا عن حل لها سواء كان حلًا قانونياً ام غيره او على الأقل تُلفت النظر لمشكلة ما، أيضًا فيلم المغتصبون الذى أراد المخرج أن يصل رسالة ألا تترك الضحية حقها وبالفعل أخذ المتهمون جزاءهم وتم سجنهم جميعًا، أيضًا مسلسل القاصرات الذى يعالج مشكلة زواج الفتيات فى سن مُبكر، فانتشر فى الفترة الأخيرة الحديث عن زواج القاصرات وهو ما نُشاهده فى الأرياف أكثر انتشارًا! فهذا ناتج عن الجهل وليس فقط فى الأرياف بل الجهل وصل حتى للمُتحضرين والمُتعلمين، فنُشاهد من تُريد زواج ابنتها وهى قاصر خوفًا عليها من العنوسة! وتزوج طفلة لرجل عجوز طمعًا فى المال. فالحرب اليوم سلاحها خفى تعتمد على الفكر والنفس، لا نراها بل نشعر بها ونرى نتائجها ولا نعرف أسبابها، ولا يمكن التصدى لها الا بنفس السلاح المعتمد على الوعي، وللإنصاف فى الوقت الذى انحرفت الدراما عن أهدافها الحقيقية، فى الوقت الذى عادت فيه بعض الأعمال الدرامية لرسالتها الأساسية ألا وهى تنمية الوعى لدى المواطنين. ففى الوقت الذى كنا نسمع عن هجوم الجماعات الإرهابية على أى كمين أو قيام جماعة الإخوان المتأسلمين بأى عملية إرهابية ويذهب جراء ذلك العديد من أرواح الأبرياء من رجال الجيش والشرطة، كان البعض لا يتأثر لأنه لا يعلم ماذا حدث وكيف حدث وما آثاره ونتائجه وما هى التضحيات التى يقوم بها هؤلاء فى سبيل حماية الوطن وفى سبيل أن نعيش بأمان. فمسلسل الاختيار 1 و2 عالج العديد من المسائل المهمة فهو من ناحية وضح للجميع حقيقة ما يحدث فى مصر ومن ناحية أخرى كشف حقيقة تلك الجماعات الإرهابية وأفكارهم، فهناك أسلحة دراما شاملة متمثلة فى البرامج والمسلسلات والأفلام والإعلانات أيضًا، نستطيع من خلال مسلسل واحد فعل ما لا تستطع الأسرة والمدارس والجامعات فعله. وأيضًا نستطيع بناء ما تم هدمه من خلال أعمال الدراما السلبية، فمسلسلا الاختيار وهجمة مرتدة أعطيا دروسا للكل وعملا على بناء عقل المشاهد وإعادة وعيه وفهم حقيقة الأمور والأحداث فجعل المواطن يعى ما حدث ويحدث وسيحدث، فمن المعلوم أن التعليم عن طريق العين أى صور وفيديوهات يركز فى ذهن المشاهد أكثر من المقروء. فكان من المهم أن يصل للجميع تضحيات رجال الجيش والشرطة والدور الذى تقوم به الجهات الأمنية فى سبيل أن يعيش شعب مصر بأمن وأمان، خاصة للأجيال القادمة الذين لا يعلمون شيئًا عن تلك التضحيات. فنتمنى أن تسير الدراما على هذا النهج وتعود كما عادت بالأمس دراما هادفة ونوقف إنتاج أعمال درامية تبث أفكارا سامة، ففى الوقت الحالى نحن فى أمس الحاجة إلى إنتاج أعمال درامية تعالج الواقع ونحاول نسترجع عادات وتقاليد وقيم المجتمع المصرى التى هى جزء من الهوية الوطنية وليس كما يدعى البعض أنها تجسد الواقع.

مشاركة :