كثر الحديث في الصحافة والمجتمع عن ضرورة الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، فأصبحنا نتابع ندوات تعقد حولهم وجوائز توضع باسمهم ولقاءات تتم من أجلهم، وهذا الرقم والحراك ليس وليد هذه الأيام بل له عدة أعوام، ولكن لو سألت بعض ذوي الاحتياجات الخاصة عما وفر لهم من خدمات لسمعت منهم شكاوى مريرة من أن المجتمع يتجاهل طلباتهم ومعاناتهم، وجهات الاختصاص لا تقدم لهم ما يستحقونه من خدمات، وإن قدمت لهم شيئا مثل مبلغ بسيط لتوفير عمالة منزلية لخدمتهم أو المساعدة على خدمتهم فإن المبلغ السنوي المقدم لهم لا يغطي قيمة التأشيرة ورسوم الاستقدام ناهيك عن كونه يغطي أجور وتكاليف العمالة المنزلية المستقدمة من أجلهم، وقد لا يجد الواحد منهم من يساعده في الأمور الأساسية من حياته، فتتدهور حالته الصحية نتيجة عدم العناية به وبنظافته ومأكله وملبسه حتى يلاقي وجه ربه وهو في حالة من البؤس والشقاء والوحدة القاتلة، وحتى بالنسبة للمرافق العامة من حدائق ووسائل نقل وطرق وإدارات حكومية ومساجد وبنوك ومستشفيات، فإن بعض هذه المرافق تنسى أو تتناسى هذه الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة عند تقديمها لخدماتها العامة، وإن هي فعلت فعلى مستوى متواضع لا يتناسب مع احتياجات هذه الفئة، إضافة إلى انخفاض مستوى مراكز التأهيل الموجودة في المستشفيات العامة والخاصة وغلاء رسوم مراكز التأهيل التجارية المحدودة الطاقة، حتى أن الأجهزة المساعدة التي تركب لذوي الاحتياجات الخاصة في أيديهم وأقدامهم، لا تماثل من حيث الجودة ودقة القياس مثيلاتها التي تصنع في دول متقدمة، ولذلك تجد بعض تلك الأجهزة غير مناسبة لمن يستخدمها، وربما أدت إلى شعوره بالألم والتهاب المفاصل وتقرح الجلد الملامس للجهاز نتيجة الاتساع أو الضيق أو الاحتكاك المستمر، وقد جرب ذوو احتياجات خاصة تفصيل أجهزة مساعدة في دول متقدمة فوجدوا فرقا شاسعا بين تلك الأجهزة وما فصلوه أو شروه من أجهزة طبية محلية، ولكن ليس كل ذي احتياجات خاصة لديه القدرة والامكانات التي تساعده على السفر إلى أمريكا أو أوروبا أو غيرها من الدول المتقدمة لتفصيل وشراء أجهزة طبية مساعدة، وكان ينبغي توفير تلك الأجهزة وفق المقاييس والجودة العالمية لمن يحتاجها من هذه الفئة وإراحتهم من عناء وتكاليف السفر. والحاصل والفاصل أن ذوي الاحتياجات الخاصة يسمعون جعجعة وجلبة ولكن أين هو الطحين ؟!
مشاركة :