تحليل إخباري: القاهرة تريد نظاماً بعيداً عن «الإخوان» في السودان

  • 4/14/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة – احمد سيد حسن – على الرغم من أن مصر عبرت عن موقفها إزاء التطورات المتلاحقة لدى جارها السودان، مؤكدة على احترام خيارات الشعب وحقه في صياغة مستقبل بلاده، مع الاحترام الكامل لسيادة السودان وقراره الوطني، فإن الواقع وتاريخ العلاقات المصرية السودانية يشيران إلى رغبة مصرية لم تفصح عنها علنا، بوجود نظام حكم قوي في السودان لا تكون جماعة الإخوان المسلمين جزءا منه. ولا يعني ذلك القبول بحكم عسكري صرف، في ظل التحالفات التي ظلت مستمرة بين نظام عمر البشير وتلك الجماعات، حيث ظلت التحالفات تخضع للمد والجزر، خصوصاً بين البشير وزعيم الجبهة القومية الإسلامية حسن الترابي الذي مهد الطريق امام البشير للوصول إلى السلطة في ٣٠ يونيو ١٩٨٩، بعد الإطاحة بحكومة حزب الأمة برئاسة الصادق المهدي، ورغم انهيار التحالف بين البشير والترابي، فإن البشير ظل يعتمد في حكمه على دعم التيارات الإسلامية، إضافة إلى دعم الجيش المطلق له، وقيامه بتكوين جهاز أمن يوازي قوة الجيش، بات يعرف بقوات التدخل السريع. ومع الضعف الشديد والانقسامات التي لحقت بالأحزاب الكبيرة، مثل حزب الأمة الذي انشق عنه ١١ فصيلا، وتراجع دور وشعبية الحزب الاتحادي، وانقسام الحزب الشيوعي الذي كان يسيطر على نقابات واتحادات عمالية وطلابية، استطاع البشير الانفراد بالحكم، معتمدا على تعويم نظامه إقليميا، ودعم النظام المصري له من اجل استقرار الحدود بين البلدين والحيلولة دون تحول السودان إلى قاعدة للإخوان المصريين كما حدث أيام حكم حسني مبارك الذي تعرض لمحاولة اغتيال في اديس ابابا عام ١٩٩٥ على يد مجموعة من الإسلاميين لقيت مساعدة من جماعات إسلامية سودانية. والمثير أن الرئيس عبد الفتاح السيسي التقى بالرئيس السوداني عمر البشير 24 مرة، آخرها في ٢٤ أكتوبر الماضي في القاهرة، وأقيمت للبشير احتفالات صاخبة في استاد القاهرة في أعقاب ظهور خلافات علنية وصلت الإعلام في البلدين حول مثلث حلايب وشلاتين، وجرى تطويق الأزمة بالعودة إلى تفعيل اتفاقيات الحريات الأربع (التنقل والإقامة والتجارة والعمل)، وبدا أن ذلك الحل من شأنه تهدئة البشير في ظل ضغط من أطراف سودانية تتهمه بالخضوع للقاهرة. وبالطبع ظل ملف النزاع بين مصر واثيوبيا حول بناء سد النهضة، احد أهم الملفات التي تستغلها الخرطوم للضغط على مصر، وكثيرا ما انحاز السودان إلى الموقف الاثيوبي، لكن النظام في مصر نجح في تطويق الأزمات وإقامة تعايش وتعاون مشترك، لا سميا في المجال الأمني، ورغم ذلك ظلت العلاقات بين الشد والجذب وشهدت الشهور الأخيرة حالة من «التوتر» في ظل عدم دعوة البشير للقمة العربية الأوروبية في شرم الشيخ بناء على طلب أوروبي ووقف الخرطوم مشروع الربط الكهربائي. واليوم تترقب مصر تطورات الأوضاع عن كثب في السودان، خاصة في ما يتعلق بنفوذ التيارات الإسلامية ومدى سيطرتها على الحكم، ومع تنحي الفريق عوض بن عوف، وتولي عبد الفتاح البرهان قيادة المجلس العسكري، تبدو الأوضاع أكثر ميلا نحو التعاون مع القوى المدنية السودانية وقبول الجيش لمدة انتقالية قصيرة، والإسراع نحو إجراء انتخابات رئاسية قد ينجح البرهان من خلالها في الوصول الى الرئاسة على الطريقة المصرية، وبالتالي تصبح التجربة المصرية ملهمة للسودانيين للخروج من الأزمات المتشابكة على كافة الأصعدة، وتبدو مصر في هذه الحالة مستعدة للمساعدة على كل المجالات لإنقاذ السودان من أزمات اخطر قادمة.

مشاركة :