الخرطوم 24 ديسمبر 2019 (شينخوا) يبدو أن أجواء التغيير التي أوجدتها ثورة ديسمبر فى السودان قد أعادت الروح لمختلف جوانب الحياة اليومية بالبلاد ولاسيما فيما يتصل بالجانب الفني والثقافي . وبعد غيبة طويلة عادت دور السينما لتفتح أبوابها والتي ظلت مغلقة طيلة فترة النظام السابق ورغم أن الحراك الذى يشهده قطاع السينما يعتمد حتى الآن على مبادرات شعبية ، إلا أنه يؤشر إلى إيمان عميق بأهمية السينما، ودورها في حياة الشعوب . وأثنى وزير الثقافة والإعلام السوداني فيصل محمد صالح ، فى تصريح لوكالة أنباء شينخوا اليوم ((الثلاثاء)) على المبادرات الشعبية الراغبة فى إحياء دور السينما وخلق حالة ثقافية تعبر عن الوضع الراهن فى السودان. وقال " هنالك حراك ثقافي كبير انتظم في البلاد وهي مبادرات فردية وجماعية و مجتمع مدني أكثر من أنها مساهمة للدولة". وأضاف " أن الشباب يتحركون الأن في الفضاءات الثقافية واستشعروا بالتغيير بشكل عام ، وقد أتاحت لهم الأجواء السياسية والاجتماعية والثقافية والأمنية حريات أكبر وشجعتهم على إحداث هذا الحراك الإيجابي". وتابع " أن الثورة زرعت في الشباب الأمل وجعلت لديهم طموحات اكبر وهذه أجواء إيجابية تساعد على الإبداع فى كل جوانب الثقافة". وشهدت السينما في السودان انتشارا كبيرا خلال عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وصارت مصدرا أساسيا من مصادر المعرفة وقتها ، وانتشرت فى الخرطوم العديد من دور السينما ، بالإضافة إلى برنامج السينما المتجولة التي جابت أرجاء السودان المختلفة. وبدأت مجموعات شبابية فى إطلاق مبادرات لإعادة البريق لقطاع السينما من خلال تشجيع صناعة الأفلام وتنظيم برامج التدريب والتأهيل وتطوير البنى التحتية اللازمة لصناعة السينما وتأهيل دور العرض. وقال نائب رئيس إتحاد السينمائيين السودانيين عبد الرحمن محمد عبدالرحمن في تصريح لوكالة أنباء (( شينخوا)) " إن الروح بدأت تعود للسينما في السودان ، وقد لاحت البشرى مع نجاح ثورة ديسمبر المجيدة وما خلقته من أجواء إيجابية ". وأضاف " كما أن هناك عوامل أخرى مساعدة ومبشرة ومنها النجاحات التي حققها الفنانون السودانيون ، وقدرة أعمالهم على المنافسة عالميا مثل فيلم (ستموت في العشرين) الذى نال عددا من الجوائز خلال مهرجانات عالمية". وجاءت عودة الحياة للسينما عبر مبادرات فردية من جماعات تنشط هذه الأيام في إعادة الحركة إلى كل دور العرض التي كانت مغلقة لسنوات، ومن المنتظر أن تنتقل المبادرة إلى أقاليم السودان المختلفة لإنعاش دور السينما بعد طول غياب. ويجد هذا الحراك تشجيعا كبيرا من خلال الاحتفاء الواسع بعودة دور السينما لعرض أفلام متنوعة ، وعودة الجمهور مرة أخرى إليها بعد طول انقطاع. وقالت غنوان مالك طالبة طب أسنان ، فى تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) " عمري الآن 21 سنة ولم أشاهد فى حياتي إلا مسرحية واحدة فقط". وأضافت " من الواضح أن السينما بدأت تتعافى الآن ، وستعود إلى ماضيها ، ونأمل أن تتحول هذه المبادرات الشعبية إلى عمل ممنهج مشترك ما بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني". ويعتبر السودان من أوائل الدول التي عرفت الفن السينمائي، حيث تم تصوير أول فيلم بالسودان "النيلين" عام 1910، والذي كان عبارة عن تصوير رحلة صيد قام بها مخرج الفيلم، الذي تم عرضه في فبراير 1912 بمدينة الأبيض، التي كانت أول مدينة سودانية تشهد عرضا سينمائيا. وفي عام 1924، تم إنشاء أول دار للعرض السينمائي بمدينة الخرطوم، استمرت حتى نهاية عصر السينما الصامتة، ليتم بعد ذلك إنشاء دار للعرض خاصة بالأفلام الناطقة بالسودان في عام 1930. وشهد عام 1949، إصدار قانون لصناعة السينما تزامنا مع بناء أول وحدة لإنتاج الأفلام بالسودان، تحت اسم "مكتب الاتصالات العام للتصوير السينمائي"، وكان خاضعا للاستعمار البريطاني، الذي خصصه لإنتاج الأفلام الدعائية إلى جانب مجلة نصف شهرية الغرض منها استعراض إنجازات الاستعمار. وبالتزامن مع استقلال السودان عام 1956 تم إخراج أول فيلم تسجيلي في السينما السودانية، من إخراج كمال محمد إبراهيم، بعنوان "الطفولة المشردة"، ويسرد معاناة الأطفال القرويين الذين ينزحون إلى المدينة للعمل بها، ويجسد معاناتهم في الانسجام مع المدينة، ما يتسبب في انحراف عدد كبير منهم، ويتوجهون إلى السرقة في كثير من الأحيان .
مشاركة :