«يا مسافر وحدك وفايتني ليه تبعد عني ليه».. بعيون يملأها الأسى والشوق تنتظر الحاجة «بخيتة» ابنها «غريب» المسافر من أجل لقمة العيش على عتبة بابها، سافر منذ أكثر من ١٠ سنوات إلى «ليبيا»، بعد أن ضاق رزقه في بلاده للعمل وكسب قوت يومه هو وأسرته ترك زوجته وهي «حبلي» في ولده الذي اسماه قبل أن يسافر «عبدالصبور»، عسى أن يتعلم الصبر على فقدان والده المسافر من أجله.سافر غريب قبل أن تندلع التظاهرات التي طالبت بتنحي القذافي عن الحكم، والحرب الأهلية، وبعد أن اندلعت الحرب عاد كثير من المصريين إلى بلادهم، وانتظرت «بخيتة» على عتبة بابها أن يأتي غريب من ضمن أصدقائه الذين رافقوه غربة «لقمة العيش» ولم يأت منذ عشر سنوات، وكل ما تسمعه عنه أنه رفض النزول وفضل البقاء للعمل، معللًا رفضه بأنه لا مجال له لكسب لقمة العيش حال عودته إلى وطنه، دموع السيدة العجوز تنهال كل يوم حزنًا لفراق ولدها.وقبل سنة من الآن أرسل «غريب» رسالة إلى والدته يبشرها فيها أنه ما زال على قيد الحياة، وقريبًا سوف يعود إلى وطنه وإلى حضن والدته ليعوضهم سنين الحرمان ويسقى الحنان لابنه الذى ذاق فراق الهجران سنين عدة، وكأن قصة النبى يوسف وفراق والده النبي يعقوب، تتجلى من جديد لتضرب الأمثال في الحاضر، وكأن الفراق لا يذوقه غير الفقراء مرارة لجلب رزقهم.تنتظر بلهفة الحاجة «بخيتة» ابنها كل يوم بالعشر ساعات لا تنتظر إلى لجهة واحدة وهي الجهة التي يأتي منها المارة، أملًا في لقاء ولدها بعد سنين من الغربة.
مشاركة :