هواجس في طقوس الكتابة

  • 4/27/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

” الذين يدمنون على القراءة هم الأكثر قدرة على الكتابة والتعبير عما في دواخلهم. فهم بدون الكتابة يختنقون، وبدون القراءة لا يبدعون، ولا يحترق الحبر بين أصابعهم، حتى يشتعل ضوء الحروف في أفئدتهم! الكتابة عندي عشق قديم..وعشقي للقراءة أشد. أشتاق إلى رائحة الحبر وحفيف الورق ..كلما بعدت عنهما.. ونادرا ما أبتعد..” كتبت هذه العبارة خلف غلاف كتابي (حوار الأسئلة الشائكة) وأنا أدرك أهمية إدمان الكاتب للقراءة قبل الإسراع في البوح بالكتابة !! **لم يكن الروائي الكبير حنا مينا، الذي هو من أكثر الروائيين العرب تجريبا، مجربا مغامرا في روايتيه الرائعتين ” الولاعة” و” الأبنوسة البيضاء” فحسب، بل كان مختلفا عن سابقيه بتجربة ترسم خطوط ملامحه، ففي لقاء معه بعد أن أتهم بتقليد الروائي الفرنسي (آلان روب غرييه) الذي قلد تجربته في كتاباته العديد من الروائيين في الشرق والغرب ، دافع مينا عن تجربته بثقة واطمئنان قائلا : حين كتبت روايتي ” القمر في المحاق” كنت أدرك أن قراءة العمل كرواية أمر مفترض،لكني تعمدت أن تكون قراءته كعمل مسرحي ممكنة، و ذلك تجريب محفوف بالمغامرات ** أي عمل لا يكون ملفتا ومشوقا إلا بمساحات البوح فيه وبقدر ما تكشف فيه عورات وتثاربجرأة غرائز،فيصبح محظورا وبالتالي مطلوبا، وهو ما لا أفكر فيه! وسيأتي اليوم الذي أكتب فيه روايتي بعيدا عن الذات والبوح والإنطفاءات. ولكني أقولها صريحة أن أسماء قليلة هي التي حققت نجاحها وأثبتت قدرتها على صياغة العمل الروائي المتميز والجدير بالقراءة والإستفادة منه. ** أي فن من الفنون لا بد أن يكون له هدف ويحمل في مضمونه رسالة! وبعيدا عن الأخلاقيات وتأثيرات السلوك،نحن أمام أعمال الهدف من إنجازها ، تأثيرها في الناس لتغيير مفاهيمهم وبلورة أفكارهم، ولنا أن نتصور كيف يمكن الترويج لتوجه ما أو طرح قضية ما، اجتماعية كانت أو سياسية وحتى أيديلوجية، من خلال الإبداع الدرامي،الذي يجسد تلك المعاناة. ** في اعتقادي أن كتابة الرواية لا تكتب بصدق وعمق إلا من خلال تجربة ومعايشة، فهي صراع في أتون الحياة ولا يقدر على رسم رؤية عميقة وصادقة إلا من عاش آلام الحياة وأحلامها. والذين نجحوا في السرد الروائي كان نجاحهم مستشف من معاناة حقيقية لتجاربهم في صراعات متباينة في ملامح العجز والحزن والقسوة. ** الساحة الأدبية اليوم حافلة وزاخرة بأسماء كثيرة لها من الأعمال مايستحق الاشادة والتنويه. ورغم هجمة السرد الروائي وارهاصاته السونامية. إلا أن نص القصة القصيرة لا يكتبه بتكثيفه وصياغة مفازاته إلا مبدع حقيقي.وقصتنا المعاصرة في موقع المنافس في ساحة السرد العربي.أقول هذا عن تجربة بعد مشاركتي في أمسيات قصصية في الخليج ومصر، فقد كانت دهشة الجمهور هناك كبيرة ،وكان تقييمهم لمستوى القصة في بلادنا يدعو للفخر.

مشاركة :