حوادث الموت تفاقم متاعب الحكومة التونسية

  • 4/29/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تفاقم حوادث الموت في تونس متاعب الحكومة التي وجدت نفسها السبت أمام غضب شعبي عقب وفاة 12 عاملا في قطاع الفلاحة، وهي الحادثة التي تأتي بعد حوالي شهر من وفاة 14 رضيعا في أحد مستشفيات العاصمة. وتوفي عمال القطاع الفلاحي على الفور، فيما أصيب 20 آخرون، على الأقل، في حادث مروري مروع بضواحي مدينة سيدي بوزيد إثر اصطدام بين شاحنتي نقل خفيفتين. وفجر هذا الحادث المروري غضبا في تونس لأنه لا يعد الحادث الوحيد لعمال القطاع الفلاحي في المناطق الريفية، حيث يتم في أغلبه تشغيل عاملات يقدّر عددهن إجمالا بنحو نصف مليون عاملة، معظمهن يعانين من أوضاع اجتماعية هشة. وندد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة مستقلة) بتكرار مثل هذه الحوادث، مشيرا إلى أنها تسببت في وفاة أكثر من 40 عاملة وإصابة 492 بجروح خلال السنوات الأربع الأخيرة. وأعلنت النقابات الأساسية المنضوية تحت لواء الاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد “تضامنها التام مع عائلات ضحايا الحادث الأليم الذي جد السبت بمنطقة السبالة التابعة لمحافظة سيدي بوزيد ومساندتها لها، وعن دخول المحافظة في إضراب احتجاجي ويوم غضب الاثنين”.وطالبت النقابات بضرورة اتخاذ حلول قانونية للوضعية الهشة لعاملات الفلاحة (نقل وتغطية اجتماعية…) وبتوفير النقل المدرسي تفاديا لفواجع أخرى وبتحسين الوضع الصحي المتردي والعناية بالمؤسسات التربوية المهترئة وكذلك بتوفير الحماية الأمنية للمؤسسات العمومية. وقال اتحاد الشغل، أكبر نقابة في تونس، في بيان له إنه “يدين بشدة استمرار تجاهل نقل العمال الفلاحين في ظروف غير إنسانية وغير آمنة أمام صمت السلطة وعجزها”. وحمل الاتحاد السلطات مسؤولية استمرار هذا الوضع ، مطالبا باتخاذ الإجراءات القانونية لمنع تكرارها وحماية العمال الفلاحيين من التهميش. وأوضح اتحاد الشغل أنه توصل في السابق إلى توقيع اتفاقية إطارية مشتركة للعمال الفلاحيين مع الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري واتفاقية خاصة بنقل العمال في قطاع الفلاحة، إلا أنها بقيت حبرا على ورق ولم تجد طريقا لتفعيل ما ورد فيها من حقوق. وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد تحدث قبل أيام خلال مؤتمر دولي للمرأة عن تحضيرات لإطلاق برنامج “احميني” الذي سيسمح بإدماج نصف مليون امرأة ريفية في منظومة التغطية الاجتماعية. وفي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، زار يوسف الشاهد منطقة “البلاهدية” التابعة لمحافظة سيدي بوزيد وقدّم التعازي لعائلات ضحايا الحادثة. وأوصى يوسف الشاهد بضرورة العناية بعائلات الضحايا ورعاية المصابين وتيسير عملية زيارتهم من طرف أقاربهم. وأعلن حزب حركة “تحيا تونس” المقرب من الشاهد أنّه قرّر تأجيل فعاليات حفل اختتام مؤتمره التأسيسي الذي كان مُبرمجا الأحد إلى مساء الأربعاء القادم. وأرجعت الحركة التأجيل إلى “حالة الحزن العميق التي تسود كامل تراب الوطن ونظرا للمتابعة الشخصية من قبل رئيس الحكومة يوسف الشاهد لآثار هذه الفاجعة على عائلات الضحايا وبطلب منه”. وتعمل الحكومة التونسية منذ أسابيع على تطويق الاحتقان الاجتماعي حيث شنت حملة خلال الأيام الماضية على المحتكرين والمضاربين في محاولة لخفض أسعار السلع الاستهلاكية التي شهدت ارتفاعا غير مسبوق. ونفذ قطاع النقل الخاص منذ حوالي أسبوعين احتجاجات وقام سائقو شاحنات وسيارات أجرة بغلق منافذ المدن في مختلف جهات البلاد، احتجاجا على ترفيع الحكومة في أسعار المحروقات. ويقول مراقبون إن هذا الاحتقان الاجتماعي المتصاعد من شأنه التأثير على شعبية رئيس الحكومة الذي من المتوقع أن يقدم ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة. وتطالب المعارضة منذ أشهر الحكومة بالاستقالة وتعيين حكومة تصريف أعمال لضمان حياد الانتخابات، وهو ما يرفضه حزب الشاهد وحليفته حركة النهضة الإسلامية. واستغلت أحزاب المعارضة حادثة وفاة عمال الفلاحة لتجديد دعوتها إلى الحكومة بالاستقالة.ووصف حزب العمال حكومة يوسف الشاهد بـ”حكومة القتل” محملا إياها وحركة النهضة المسؤولية كاملة في ما حدث، مشيرا إلى “تضاعف الجرائم والكوارث في ظل حكمهما الفاشل”. ودعا الحكومة إلى “الاستقالة احتراما لدماء النساء الكادحات التي سالت بفعل الإهمال والاستغلال الفاحش وغياب تدخل الدولة لحمايتهن من غوائل الفقر والحرمان”. وحث الشعب على “التحرك الجماهيري الواسع لفرض رحيل منظومة الفشل ومنظومة القتل والتفقير والتهميش واعتبار الحكومة منذ اليوم فاقدة لكل مشروعية”. وبدوره دعا حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد “الأحزاب التّقدميّة ومنظّمات المجتمع المدني وفي مقدمتها اتّحاد الشّغل وعموم الأهالي إلى تنظيم تحرّك احتجاجي تنديدا بالتّقصير الفاضح للحكومة في معالجة الملفّات التّنموية المطروحة جهويّا”. وأشار إلى أن “الحادث الأليم يؤكّد مرّة أخرى مدى استهتار حكومة الشّاهد/ النّهضة بأرواح الفقراء والمهمّشين وفشلها الذّريع في معالجة كل الملفاّت المطروحة جهويّا وأولّها ملف نقل عمّال الفلاحة”. وكانت الحكومة قد واجهت نفس الموقف عقب وفاة 14 رضيعا في مستشفى الرابطة بالعاصمة. وطالبت حينئذ أحزاب المعارضة برحيل الحكومة. وأعلنت لجنة التحقيق في تلك الحادثة أن سبب وفاة الرضع يعود أساسا إلى تعفن في المستحضرات الغذائية، وأن العدد النهائي للرضع الذين قضوا في الفاجعة التي هزت الرأي العام في تونس، 14 رضيعا.

مشاركة :