تفاقم الأزمة بين الحكومة التونسية والقضاة

  • 3/29/2017
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

نفذ القضاة التونسيون وقفة احتجاجية أمس أمام البرلمان التونسي، ودعوا النواب إلى عدم التصويت لفائدة المبادرة التشريعية التي اقترحتها الحكومة لحل أزمة المجلس الأعلى للقضاء المنتخب في تونس لأول مرة، رافعين شعارات تدعو إلى احترام استقلالية القضاء والنأي بالسلطة القضائية عن التجاذبات السياسية، ومحاولة السيطرة عليه من قبل بعض الأطراف السياسية. وقررت لجنة التشريع العام في البرلمان التي اجتمعت أمس الموافقة على المبادرة الحكومية في صيغتها المعدلة بإجماع أعضائها الحاضرين، وهو ما يفتح الأبواب أمام تواصل المواجهة بين السلطتين التنفيذية والقضائية. ورفضت الحكومة التوقيع على الأسماء المرشحة من قبل الهياكل القضائية المتعلقة بالوظائف السامية في المجلس الأعلى للقضاء، وهو ما جعل الوضع يتدرج نحو الأزمة بخروج رؤساء بعض المحاكم نحو التقاعد، وحصول شغور على مستوى من سيدعو إلى انعقاد هذا المجلس. وتنص المبادرة الحكومية على أن يدعو رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) إلى انعقاد أول جلسة للمجلس في أجل أقصاه عشرة أيام من تاريخ دخول المبادرة حيز التنفيذ، ولا تكون هذه الدعوة قابلة للطعن بأي وجه من الأوجه، ولو بدعوى تجاوز السلطة، وهو ما رفضته الهياكل النقابية الممثلة للقضاة. وأبدى حزب النداء وحركة النهضة، الحليف السياسي الأساسي له، توافقا تاما حول دعم المبادرة الحكومية لحل أزمة السلطة القضائية، ويستمد الحزبان قوتهما من الأغلبية البرلمانية التي يتمتعان بها (نحو 136 صوتا في حين أن التصويت يتطلب 109 أصوات فحسب)، في حال تمرير تلك المبادرة إلى التصويت. واعتبر نور الدين البحيري، رئيس الكتلة البرلمانية لحركة النهضة، أنّ هذه القرارات لن تؤثر على الموضوع الأساسي، وفسر دعم النهضة للمبادرة الحكومية بعدم ترك القضاء في حالة تعطل تام. ومن جهتها، طمأنت فريدة العبيدي، القيادية في حركة النهضة، القضاة بقولها أمام أعضاء البرلمان إن المبادرة الحكومية تمس الإجراءات في اتجاه الخروج من المأزق القانوني ولا تمس استقلالية القضاء. وفي السياق ذاته، قال حاتم الفرجاني من نداء تونس إن المبادرة الحكومية جاءت لقطع النقاشات «البيزنطية» ووضع حد لتواصل أزمة السلطة القضائية. وفي الجهة المقابلة، رفضت عدة أحزاب معارضة مبادرة الحكومة لحل أزمة المجلس الأعلى للقضاء، واعتبرتها محاولة للسيطرة على السلطة القضائية. وفي هذا الشأن قالت سامية عبو، القيادية بحزب التيار الديمقراطي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها تستغرب محاولة بعض الأطراف السياسية العودة بالسلطة القضائية إلى نظام التعليمات الموجهة إلى بعض القضاة على حد تعبيرها، مؤكدة أن من يحكمون اليوم لا يريدون استقلال القضاء، وأن ملفات فساد مرفوعة ضد عدد من المسؤولين في الحكومة، وهم يخشون من السلطة القضائية، على حد قولها. وبشأن تطورات الخلاف بين السلطتين التنفيذية والقضائية، أكدت روضة القرافي، رئيسة جمعية القضاة التونسيين، في تصريح إعلامي، أن الحكومة لم تحاول فتح باب الحوار مع ممثلي السلطة القضائية، رغم أنهم نفذوا ثلاث وقفات احتجاجية في شهر واحد، وأشارت إلى أن الحكومة تتعامل مع القضاة بصفة فوقيّة، وليس باعتبار القضاء وأصحابه يمثلون السلطة. وأشارت القرافي كذلك إلى اتفاق القضاة فيما بينهم، وتقديمهم مبادرة قضائية تهم المجلس الأعلى للقضاء، تم توجيهها إلى البرلمان وإلى رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، في حين تعرضت المبادرة الصادرة عنهم إلى التجاهل وتعويضها بمبادرة حكومية مثيرة للجدل. يذكر أن المحكمة الإدارية، الهيكل القضائي الذي ينظر في قضايا خرق القانون وتجاوز السلطة، أصدرت عشرة قرارات قضائية تتعلق بتوقيف قرارات منبثقة عن اجتماعات سابقة صدرت باسم المجلس الأعلى للقضاء، أكدت مواصلة الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي لمهامها إلى حين تركيز المجلس الأعلى للقضاء. ولدعم موقفها أمام الحكومة، بيّنت جمعية القضاة التونسيين أن أجر القضاة يتراوح حاليا ما بين 1800 دينار تونسي وألفي دينار تونسي (ما بين 730 و800 دولار)، وأكدت في دفاعها عن الوضعية المادية للقضاة أن جزءا كبيرا من الراتب ينفق في مصاريف لها علاقة بعمل القاضي، واعتبرت أجر القاضي في تونس لا يتماشى مع المعايير الدولية لأجور القضاة، ويأتي في المرتبة الأخيرة دوليا وعربيا وأفريقيا. وعبرت مجموعة من الجمعيات السياسية والحقوقية عن رفضها المبادرة الحكومية المتعلقة بحل أزمة المجلس الأعلى للقضاء، ودعت إلى انتهاج حل توافقي لأزمة إرساء هذا المجلس. كما دعت أعضاء مجلس نواب الشعب (البرلمان) إلى «النأي بالسلطة التشريعية عن انتهاج حلول مخالفة لأحكام الدستور والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها تونس، ورفض الانخراط في هذا المسار الذي يؤسس لتداخل السلطات، وإخضاع المجلس الأعلى للقضاء للمحاصصة الحزبية السياسية الضيقة» على حد تعبيرها.

مشاركة :